التي أسدى بها إلى الآخرين وذلك لقساوته وعدم دراسته لحالة الطرف الآخر فتذهب عندها نصيحته أدراج الرياح.
٤٢ ـ حق الناصح :
« وأما حق الناصح فأن تلين له جناحك ، ثم تشرئب له قلبك (١) ، وتفتح له سمعك ، حتى تفهم عنه نصيحته ، ثم تنظر فيها ، فإن وفق فيها للصواب حمدت الله على ذلك وقبلت منه ، وعرفت له نصيحته ، وإن لم يكن وفق لها فيها رحمته ، ولم تتهمه ، وعلمت أنه لم يألك نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشيء من أمره على كل حال. ولا قوة إلا بالله .. ».
الناصح هو إنسان حكيم صقلت فكره التجارب وأكسبته الأيام خبرة واسعة أما لتجربة قام بها بنفسه أو لخبرة اكتسبها من ناصحين مخلصين.
فمن حقه على السامع أن يصغي إليه لأنه يحمل له الإخلاص ويلقنه لباب الود الذي فيه نجابة. ومن حق الناصح أيضا على المستنصح أن يكون معه لين الجانب متواضعا ، فيتوجه إليه بقلب متفتح يستمع الحديث ويحلله بوعي ودقة فلا يحوج الناصح إلى الإعادة والتكرار. وبعد الاستماع الجيد بالسمع والقلب ينظر فيما يعرض عليه من النصيحة فيقومها بإمعان ويحللها بموضوعية ، فإن رأى وجه الصواب قد اكتمل فيه معالم الصحة فذلك توفيق من الله تعالى ، يجب أن يحمده عليه ويقبله منه ثم يقبل النصيحة ويحفظها.
وأما إذا عرضها على نفسه وحللها ولم يجدها موافقة للصواب فإن كان ممن يتهم عنه أما لدينه أو أمانته وإخلاصه له فيجب عندها أن يرحمه ويستر عليه ، ذلك أنه لم يقصر اتجاهك وإنما قد أخطأ عن غير عمد ففسر
__________________
(١) الأصح : بقلبك.