ما بال أهلك يا
رباب |
|
خزرا كأنهم غضاب
(١) |
قال : فإذا خوخة قد فتحت ، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء ، فقال : يا فاسق أسأت التأدية ، ومنعت القائلة وأذعت الفاحشة ، ثم اندفع يغني فظننت أن طويسا قد نشر بعينه ، فقلت له : أصلحك الله من أين لك هذا الغناء؟ فقال : نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين وآخذ عنهم ، فقالت لي أمي : إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ، فدع الغناء ، وأطلب الفقه ، فإنه لا يضر معه قبح الوجه ، فتركت المغنين واتبعت الفقهاء. فقلت له : فأعد جعلت فداك ، فقال : لا ، ولا كرامة ، أتريد أن تقول : أخذته عن مالك بن أنس ، وإذا هو مالك بن أنس ، ولم أعلم.
وسواء أصحت هذه الرواية أم لا تصح ، وسواء أوضعها الحاقدون على مالك أم نقلوها للحط من شأنه ، فإن الذي لا ريب فيه أن المدينة المنورة في العصر الأموي كانت مركزا مهما من مراكز الغناء في العالم الإسلامي ، ومعهدا خاصا لتعليم الجواري الغناء والرقص.
الغناء والرقص :
كانت تقام في يثرب والمدينة حفلات الغناء والرقص لأشهر المغنين والمغنيات ، وربما كانت مختلطة بين الرجال والنساء ، ولم توضع بينهما ستارة (٢).
روى أبو الفرج قال : إن جميلة جلست يوما ، ولبست برنسا طويلا ، وألبست من كان معها برانس ، ثم قامت ورقصت ، وضربت بالعود ، وعلى رأسها البرنس الطويل ، وعلى عاتقها بردة يمانية ، وعلى القوم أمثالها وقام ابن سريج يرقص ، ومعبد ، والغريدي ، وابن عائشة ، ومالك ، وفي يد كل
__________________
(١) الأغاني ، ج ٤ ، ص ٢٢٢.
(٢) الشعر والغناء في المدينة ومكة ، ص ٢٥٠.