يقول الرواة إن هشام بن عبد الملك لما سمع هذه القصيدة غضب على الفرزدق وأمر بحبسه بمكان يدعى عسفان ، بين مكة والمدينة وأوصى بالتضييق عليه ، وأضاف الرواة أنه لما بلغ علي بن الحسين امتداحه أرسل له ألف دينار فردها الفرزدق وقال للرسول : إني لم أقل ما قلت إلا غضبا لله تعالى لا للعطاء ولا آخذ على طاعة الله أجرا. فأعادها الإمام إليه (ع) وأرسل إليه : نحن أهل البيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده. فقبلها الفرزدق وبقي في حبس هشام مدة من الزمن وأخيرا هجاه بقصيدة قال فيها :
أيحبسني بين
المدينة والتي |
|
إليها قلوب
الناس تهوي منيبها |
يقلب رأسا لم
يكن رأس سيد |
|
وعينا له حولاء
باد عيوبها |
يقول الرواة إنه لما بلغه هجاء الفرزدق أمر بإخراجه من السجن عله يخرس لسانه ويكف عن الهجاء (١).
فرحم الله الفرزدق رحمة واسعة فلقد كان في موقفه مع هشام بن عبد الملك من أفضل المجاهدين في سبيل الله حسبما جاء عن رسول الله (ص) الذي قال : « أفضل المجاهدين في سبيل الله الحمزة بن عبد المطلب ورجل قال كلمة حق في وجه سلطان جائر ».
فضائله (ع)
كان الإمام السجاد يتخلق بأخلاق النبوة ، فهو من سلالة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وهو من الأئمة المعصومين الذين كلفوا تكليفا شرعيا من الله عز وجل لتقويم الإعوجاج ورفع الظلم عن الناس من قبل الطغاة والظالمين ، وهداية الناس عامة إلى ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة وخير مجتمعهم ليعيشوا أمة كريمة حرة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتنشر الرسالة الإسلامية كما أرادها رب
__________________
(١) راجع أيضا الأغاني ، ج ٢٠ ، ص ٤٠.