لسادت المحبة والوئام في ما بينهم وزالت الحزازات التي تفرق بينهم وتباعد بين جماعاتهم.
٣١ ـ حق الجار :
« وأما حق الجار فحفظه غائبا ، وكرامته شاهدا ، ونصرته ومعونته في الحالين جميعا ، لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها ، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلف ، كنت لما علمت حصنا حصينا ، وسترا ستيرا ، لو بحثت الألسنة عنه لم تتصل إليه لانطوائه عليك. لا تستمع إليه من حيث لا يعلم ، لا تسلمه عند شديدة ، ولا تحسده عند نعمة. تقيل عثرته وتغفر زلته ، ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، ولا تخرج أن تكون سلما له ، ترد عنه الشتيمة ، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ».
اهتم الإسلام بالجار اهتماما بالغا وجعل له حقوقا كثيرة تنطلق من حب التعاون بين الإنسان وأخيه الإنسان. والله تعالى أوصى بالإحسان إلى الجار. قال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ ) (١).
وقد تضافرت الأخبار عن أئمة الهدى (ع) بالوصاية والعناية في أمور الجار وذلك لإيجاد التضامن الاجتماعي بين المسلمين. يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) : « وأوصانا رسول الله (ص) بالجار حتى ظننا أنه سيورثه » وحتى لو كان الجار كافرا فرض له الإسلام حقوقا. قال رسول الله (ص) : الجيران ثلاثة : فجار له ثلاثة حقوق وجار له حقان وجار له حق واحد.
فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم القريب له حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإسلام.
__________________
(١) النساء ، الآية ٣٦.