العطاء ليقطعوا ألسنتهم وينطقوا بفضلهم. فالأحوص ، شاعرهم ، نال مرة مائة ألف درهم (١) ، كما نال مرة أخرى عشرة آلاف دينار ، ويشير إلى ثرائه الواسع في شعره فيوضح أنه لم يكن مكتسبا من تجارة أو ميراث وإنما هو من هبات الأمويين وعطاياهم فقال :
وما كان لي
طارفا من تجارة |
|
وما كان ميراثا
من المال متلدا (٢) |
ولكن عطايا من
إمام مبارك |
|
ملا الأرض
معروفا وجودا وسؤددا |
وقال في مدح الوليد بن عبد الملك :
إمام أتاه الملك
عفوا ولم يثب |
|
على ملكه مالا
حراما ولا دما (٣) |
تخيره رب العباد
لخلقه |
|
وليا وكان الله
بالناس أعلما |
فلما ارتضاه
الله لم يدع مسلما |
|
لبيعته إلا أجاب
وسلّما |
ينال الغنى
والعز من نال وده |
|
ويرهب موتا
عاجلا من تشاء ما |
وإن بكفيه
مفاتيح رحمة |
|
وغيث حيا يحيا
به الناس مرهما |
يقول الشاعر إن من يتصل بالوليد ويكون من عملائه يخفي مساوءه وينشر فضائله متملقا متكسبا ، ينال الغنى والثراء العريض ، وأما من ينصرف عنه ، فإنه ينال الموت المعجل. ومن الطبيعي أن نجد في كل عصر ، وخاصة في عصر الإرهاب والتجويع ، من يتملق للسلطان لينال الحظوة عنده فيكذب ويخادع ويصانع ليكسب لقمة عيشة ..
والأخطل شاعر البلاط الأموي ، وبصورة خاصة شاعر عبد الملك بن مروان. روى أحد أساطين الأدب قال : دخل الأخطل يوما على عبد الملك بن مروان فمدحه بقصيدة عامرة الأبيات مطلعها « خف القطين » فأعجب بها الملك الأموي أيما إعجاب وقال للأخطل : ويحك! أتريد أن
__________________
(١) الأغاني ، ج ٩ ، ص ١٧٢.
(٢) الأغاني ، ج ٩ ، ص ٨.
(٣) الأغاني ، ج ١ ، ص ٢٩.