سئل عن ذلك عليهالسلام فأجاب : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتمادى في منطقه وتخاضع في حركاته فرويدا لا يغرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه ، فنصب الدين فخا لها فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكن من حرام اقتحمه ، وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغرنكم فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من يتأبى عن الحرام وإن كثر ويحمل على نفسه شوهاء قبيحة فيأتي فيها محرما.
فإذا رأيتموه كذلك فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا عقدة عقله فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله.
فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا أيكون هواه على عقله أم يكون عقله على هواه وكيف محبته للرياسة الباطلة وزهده فيها فإن في الناس من يترك الدنيا للدنيا ويرى أن لذة الرياسة الباطلة أفضل من رياسة الأموال والنعم المباحة المحللة ، فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة حتى إذا قيل له : اتق الله ، أخذته العزة بالإثم! فحسبه جهنم وبئس المهاد فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطله إلى أبعد غايات الخسارة ويمد به بعد طلبه لما لا يقدر في طغيانه ، فهو يحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرياسة التي شقي من أجلها فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابا أليما.
بعد أن حذّرنا (ع) من هذا النوع من الرجال الذين أحبوا الرياسة الباطلة وأخذتهم العزة بالإثم فغضب الله عليهم ولعنهم دعانا لنقتدي بالرجل الذي جعل هواه تبعا لأمر الله فقال : ولكن الرجل كل الرجل الذي جعل هواه تبعا لأمر الله وقواه مبذولة في قضاء الله يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد مع العز في الباطل ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد وإن كثيرا ما يلحقه