فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ، واحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلا بالله .. ».
أولى الإسلام ركنا الأسرة اهتماما كبيرا ، وأما حق الأب على الولد فهو كبير أيضا كحق الأم. فالأب يسعى في تحصيل لقمة العيش له ولأسرته فيبذل جهدا كبيرا ويتحمل مشقات كثيرة من أجل إسعاد أولاده.
الأب يمثل الأصل والابن يمثل الفرع ، ولا وجود للفرع دون الأصل لأنه السبب في وجوده ونموه وازدهاره.
وما نراه اليوم أن الفرع قد يطغى على الأصل ، فيرى الابن نفسه أكبر من أبيه وأكثر فهما وتطورا فيتطاول على الوالدين وينال من كرامتهما ناسيا أنه من تربية أيديهما ونتاج فضلهما وثمرة لوجودهما.
هذا النوع من الأبناء هو إنسان عاق منحرف ابتعد عن الصواب وغفل عن وصية الله له التي تحث الأولاد على طاعة الوالدين واحترامهما. قال تعالى : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) (١).
والإسلام دعا إلى تمتين روابط الرحم بين أفراد الأسرة الواحدة فالولد البار يقوم بأداء حق الوالدين ويطيعهما ويوفر لهما كل أسباب الرضا فلا يفحش في الكلام لهم ولا يغلظ وإنما المعاملة بالعطف والرقة وخفض الجناح والكلام الطيب ولئن كانت الكلمة الطيبة صدقة فإنها في حق الوالدين أكبر من الصدقة وأنبل. ورد في أحكام القرآن لأبي بكر ابن عربي الأندلسي ج ٢ ص ٣٥ ، أن شيخا قال أبياتا يعتب فيها على ولده قرأها على النبي (ص) وهي :
__________________
(١) الإسراء ، الآية ٢٤.