منارة مشعة يستضيء بنور هديها المستقبل.
والحكمة في صدر الإسلام ، كغيرها من الحكم ، دليل واضح على رقي عقلية العلماء ، أوصياء على الأمة الإسلامية وأمناء على مسيرتها في طريق الخير والصلاح ، ولا سيما الأئمة المعصومين أئمة الهدى الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية نشر الدعوة الإسلامية وتقويم الانحراف لتسير في الطريق الصحيح الذي رسمه الرسول الأعظم. والعلماء الحكماء هم ورثة الأنبياء منهم الإمام زين العابدين : تدل حكم الإمام (ع) على أصالة في الرأي ، وتطور في الفكر ، وإبداع في العطاء ، وهي تحكي خلاصة التجارب التي ظفر بها الإمام في حياته ، ولا تقتصر على جانب خاص من جوانب الحياة وإنما كانت شاملة لجميع مناحيها. لقد نظر الإمام (ع) الحكيم بعمق وشمول إلى جميع شؤون الإنسان فوضع الحلول الحاسمة لجميع قضاياه وشؤونه. وهذه بعض ما أثر عنه من غرر حكمه الحية الخالدة التي يفيد منها كل إنسان في حياته الخاصة والعامة. قال عليهالسلام :
١ ـ « من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا » (١).
حكمة رائعة تحكي واقع الأحرار في كل زمان الذين هانت عليهم الدنيا من أجل عزتهم وكرامتهم ، نفوسهم أبية ومواقفهم شريفة ، فلم يخضعوا للذل والهوان ولم يسكتوا عن الظلم والطغيان بل قاوموا بكل ما لديهم من قوة ، وجاهدوا بأغلى ما عندهم بالمال والبنين والأنفس ، وكان على رأسهم أبو الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين (ع) الذي كرمت عليه نفسه فاستهان الدنيا وما عليها ، ولم يصانع الظالمين ، ولم يمالىء المنحرفين بل حمل راية الكرامة الإنسانية ، راية جديه ، أمير المؤمنين وخاتم النبيين حتى استشهد مرفوع الرأس ، موفور الكرامة.
__________________
(١) تحف العقول ، ص ٢٧٨.