نعم ما ذكرنا من الاختلاف ظاهر في الغنم الوحشي وهي الظّباء مع الغنم الأهلي ، وكذلك الحمر الوحشيّة مع الأهليّة. ولكن الظاهر من جماعة دعوى الإجماع على الاختلاف وعدم الاتّحاد في الجميع.
قال في الجواهر : ولو لا هذا الاتّفاق لأمكن المناقشة في ذلك ؛ أي في هذه الكلّية أي الاختلاف في الجميع (١). وما ذكره متين جدّا.
ومنها : أنّ أعضاء الحيوان ملحق بلحمه أم لا؟ بمعنى أنّ كبد حيوان مثلا أو كرشه أو قلبه أو كليته في حكم لحمه ، فلا يجوز تبديل ما ذكر مع لحم حيوان يكون من جنس ماله هذه المذكورات؟
الظاهر هو الأوّل ؛ لأنّها أجزاء الحيوان ، فإذا كان هذا الحيوان من المتّحد في الجنس مع الحيوان الآخر ، فأجزاؤه أيضا تكون كذلك ، فحال أعضائه حال لحمه.
المسألة الرابعة : قال في الشرائع : الألبان تتبع اللحمان في التجانس والاختلاف (٢). وقال في الجواهر : بلا خلاف أجده فيه ، بل في التذكرة (٣) الإجماع عليه ، فلبن الغنم مخالف للبن البقر ، كما أنّ لبن البقر مخالف للبن الإبل ، والغنم ما عزه وضأنه حيث أنّهما ولحمهما متّحدان ، فلبنهما أيضا كذلك ، وحيث أنّ البقر والجاموس جنس واحد فلبنهما أيضا من الجنس الواحد ، وبناء على أن يكون الوحشيّ من كلّ نوع مخالفا للأهلي منه ، فكذلك لبنهما أيضا (٤).
وما تقدّم منّا من المناقشة في بعض أقسام الوحشي والأهلي ، والاحتمال بل ظهور الاتّحاد يأتي في ألبانهما أيضا ؛ لما تقدّم أنّ الألبان في حكم ذي اللبن.
والعمدة في هذا الحكم هو الإجماع المدّعى في المقام ، وإلاّ فالاستحسانات التي
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٣ ، ص ٣٥٧.
(٢) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٣٩.
(٣) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٩.
(٤) « جواهر الكلام » ج ٢٣ ، ص ٣٥٧.