الجهة الثالثة
في بيان بعض فروع هذه القاعدة
أي قاعدة « الصلح جائز بين المسلمين إلاّ ما أحلّ حراما أو حرّم حلالا » :
فمنها : أنّه لو كان هناك درهمان ورجلان ، فادّعى أحدهما الاثنين والآخر أحدهما ، قال في الشرائع : لمدّعي الاثنين درهم ونصف ، والباقي ـ أي نصف الدرهم ـ للآخر (١).
ولا بدّ فرض المسألة فيما إذا كان الدرهمان في يدهما جميعا ، أو كانا مطروحين في مكان مباح ليس له مالك ولم يكن لأحد يد عليه وإلاّ لو كانا في يد مدّعي الاثنين يحكم له بهما مع حلفه أو نكول الطرف المدعي لواحد ، كما أنّه لو كانا في يد مدّعي الواحد يعطى واحد لمدعي الاثنين ؛ لأنّه مدّع بلا معارض ، والدرهم الآخر يعطى لذي اليد مع يمينه أو نكول مدعي الاثنين.
ولا بدّ أن يحمل صحيح عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : بيني وبينك ، قال : فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « أمّا الذي قال هما بيني وبينك فقد أقرّ بأنّ أحد الدرهمين ليس له فيه شيء وأنّه لصاحبه ، ويقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين » (٢) على ما قلنا من أنّ الدرهمين إمّا لا يد لأحد عليهما ، وإمّا في يد الاثنين جميعا ، كما أنّ ظاهر الرواية هو الأخير ؛ لفرض الراوي أنّ الدرهمين كان معهما أي في يد كليهما.
ففي هذه الصورة ما أجاب به الإمام عليهالسلام هو مقتضى القواعد الأوّليّة أيضا ،
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٩٩.
(٢) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٣٥ ، باب الصلح ، ح ٣٢٧٤ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٠٨ ، ح ٤٨١ ، باب الصلح بين الناس ، ح ١٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٦٩ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ٩ ، ح ١.