يقال : نيّة العبادة عهد مع الله تعالى بأن يأتي بها تماما ، والأمر في ( أَوْفُوا بِعَهْدِي ) ظاهر في الوجوب ، فيكون المعنى بناء على هذا أنّه يجب عليكم الوفاء بالعهد الذي عاهدتم معي بإتيان العبادة المنويّة تماما ، فيكون قطعه حراما ؛ لأنّه ترك الواجب.
ففيه : أنّه بالخطابة أشبه من البرهان ، وخلاصة الكلام : أنّه ليس دليل على إثبات هذه القاعدة على نحو الكلّية ، بحيث إذا شككنا في جواز قطع عمل من الأعمال نرجع إليها ونحكم بعدم جواز قطعه لأجل هذه الكلّية ، إلى أن يأتي دليل على الجواز وتخصّص هذه القاعدة.
نعم في خصوص الصلاة الواجبة تمسّكوا بأدلّة على عدم جواز قطعها :
ومنها : هذه الآية ، وقد عرفت الحال فيها.
ومنها : الإجماع ، ولا بأس به.
منها : قوله عليهالسلام : « تحريمها التكبير وتحليلها التسليم » (١). وتقريب دلالته على حرمة قطع الصلاة أنّ ظاهره حرمة إيجاد المنافيات من الموانع والقواطع بوقوع التكبير ـ أي بمحض الشروع في الصلاة ـ لأنّ المصلّي بالتكبير يشرع فيها ، ولا شكّ في أنّ إيجاد الموانع والقواطع ملزوم قطع الصلاة ، بل في نظر العرف هو عين قطعها ، فيكون مفاد الرواية عرفا هو حرمة قطع الصلاة ، ولا يجوز إيجادها إلاّ بالتسليم ، لأنّه مخرج ، فإذا خرج بالتسليم يحلّل به كلّ ما كان حراما عليه ؛ لأنّه خرج عن الصلاة.
واستشكلوا على هذا الدليل بأنّ التحريم في المقام ظاهر في الحرمة الشرطيّة من قبيل تعلّق النهي ببعض الموانع ، كقوله عليهالسلام : « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه » (٢). فيكون مثل هذا النهي منشأ اعتبار مانعيّة وجود النهي ، أو شرطيّة وجوده ، أو كليهما على اختلاف
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٦٩ ، باب النوادر ، ح ٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٤ ، ص ١٠٠٣ ، أبواب التسليم ، باب ١ ، ح ١.
(٢) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٩٧ ، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه ... ، ح ١ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ٢٠٩ ، ح ٨١٨ ، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس ... ، ح ٢٦ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٣ ، ص ٢٥٠ ، أبواب لباس المصلّى ، باب ٢ ، ح ١ ، مع تفاوت في النصّ.