المتعلّق بالإبطال لوحدة السياق.
وحاصله : أنّ مفاد الآية صدرا وذيلا هو أنّ وظيفة العبد هي الإطاعة وعدم التمرّد بترك الأعمال الواجبة ، أو إبطال أثرها بالعجب والكبر وارتكاب الكبائر ، أو إبطال نفسه بالرياء ، وهذا أجنبي عن عدم جواز رفع اليد عن الواجب الموسّع ثمَّ الإتيان بفرد آخر منه ، أو القول بأنّ سياق الآية يدلّ على أنّ المراد بأعمالكم فيها هو خصوص الأعمال العبادية لا عموم الأعمال.
فالإنصاف أنّ القول بظهور « أعمالكم » في الآية في خصوص العبادات لا دليل عليه ، مضافا إلى أنّ اختصاصها بالعبادات وظهورها فيها لا يرتفع به تخصيص الأكثر المستهجن ؛ وذلك لكثرة المستحبّات العباديّة التي لا إشكال في جواز قطعها إلاّ في الحجّ المندوب.
هذا ، مضافا إلى أنّ كثيرا من الواجبات التعبديّة يجوز قطعها إذا كانت موسّعة مثل الطهارات الثلاث ، فيجوز رفع اليد عنها في الأثناء والإتيان بفرد آخر ، حتّى أنّه في الصلاة حكى قول بجواز قطعها اختيارا وإن كان خلاف المختار ؛ لما ذكرنا من ادّعاء الإجماع من صاحب المدارك (١) وكشف اللثام (٢) وغيرهما ، بل قال في شرح المفاتيح أنّه من بديهيّات الدين.
نعم قلنا إنّ الواجبات المضيّقة لا يجوز قطعها ؛ لأجل أنّ قطعها وإبطالها بهذا المعنى يوجب تفويتها وعصيانها بالمرّة ، فلا ربط لها بهذه القاعدة. وأمّا الواجبات الموسّعة كالنذر الموسّع مثلا ، وكالطهارات الثلاث كما ذكرنا يجوز قطعها ورفع اليد عن الفرد الذي اشتغل بها والإتيان بفرد آخر.
وأمّا الاستدلال بوجوب الإتمام بقوله تعالى ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (٣) بأن
__________________
(١) « مدارك الأحكام » ج ٣ ، ص ٤٧٧.
(٢) « كشف اللثام » ج ١ ، ص ٢٤١.
(٣) البقرة (٢) ، ٤٠.