التقيّة. وأمّا لو يعلم أنّ من تركه التقيّة والموافقة معهم لا يترتّب عليه ضرر على نفسه أو ماله أو عرضه ، ولكن يوجب فعله المخالف للتقيّة معرفة المخالفين مذهب الشيعة ، وأنّهم يطعنون بعد ذلك عليهم بأنّ مذهبهم كذا وكذا.
والظاهر أنّ هذا أيضا يجب فيه التقيّة ؛ لأنّ هذا ربما يكون موجبا لورود الضرر على نفس الإمام أو على الطائفة جميعا ، ولعلّ هذا هو المراد من الإذاعة في أخبار التقيّة ، فجعل عليهالسلام الإذاعة مقابل التقيّة ، وقد تقدّم في ذيل رواية عبد الله بن أبي يعفور : « اتّقوا على دينكم واحجبوه بالتقيّة » (١). وكما في ذيل رواية حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام في تفسير قول الله عزّ وجلّ ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ) (٢) قال عليهالسلام : « الحسنة التقيّة ، والإساءة الإذاعة » (٣).
ويظهر من هذه الروايات أنّ حجبهم عن معرفة الأحكام المختصّة بالمذهب وسترها عنهم مطلوب. ولعلّه إلى هذا يشير قوله عليهالسلام : « ليس منّا من لم يجعلها شعاره ودثاره » (٤).
والحاصل أنّه يفهم من الأخبار الكثيرة أنّه ليس أمر التقيّة دائرا مدار الخوف الفعلي.
الرابع : إذا خالف التقيّة وأتى بالفعل المخالف معهم ، كما أنّه لو صلّى مرسلا من دون التكفير ، أو صلّى على التربة الحسينية ، أو غير ذلك ممّا ينكرونها فهل يكون ذلك العمل باطلا ؛ لأنّه خلاف التقيّة ومنهيّ عنه ، والنهي في العبادة يوجب الفساد ، أم لا ؛
__________________
(١) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢١٨ ، باب التقيّة ، ح ٥ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٦١ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٢٤ ، ح ٧.
(٢) فصّلت (٤١) : ٣٤.
(٣) « الكافي » ج ٢ ، ص ٢١٨ ، باب التقيّة ، ح ٦ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٦١ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٢٤ ، ح ٩.
(٤) « الأمالي » للطوسي ج ١ ، ص ٢٩٩ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٤٦٦ ، أبواب الأمر والنهي ، باب ٢٤ ، ح ٢٨.