يَكْسِبُونَ ) (١) وأيضا قوله تعالى ( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات والروايات.
والحاصل : أنّ كلّ رواية كان في هذا المقام مخالفا للعدل الإلهي فلا بدّ وأن يؤوّل ، وإن لم يمكن تأويله فلا بدّ وأن يطرح.
الأمر الثامن : في سائر الفرق من الشيعة غير الاثنى عشرية ، فإنّهم أيضا طاهرون كسائر المسلمين ما لم يكونوا ناصبين وسابّين لبعض الأئمّة الاثنى عشر. وأمّا إن كانوا ناصبين أي مبغضين لغير من يعتقدون بإمامته وسابّين له ، فيدخلون في جملة الناصبين ، وقد تقدّم حكم الناصب. ولا فرق في الناصب بين أن يكون معتقدا بإمامة بعض الأئمّة أو لم يكن معتقدا بالإمامة أصلا ، لأنّ المناط في كونه ناصبا هو بغضه وسبّه لأمير المؤمنين عليهالسلام أو لأحد أولاده الطاهرين الذين هم مطهّرون بنصّ القرآن الكريم.
وخلاصة الكلام : أنّه فرق بين عدم الاعتقاد بإمامة بعض الأئمّة أو جميعهم ـ وصرف هذا لا ينافي طهارتهم وجريان أحكام الإسلام في حقّهم ، فإنّ أغلب المسلمين لا يقولون بإمامة الأئمّة بالمعنى الأخصّ الذي يعتقدون به الإماميّة الاثنى عشريّة ، وأحكام الإسلام جارية في حقّهم من طهارة أبدانهم ، وجواز المناكحة معهم ، وحلّية ذبائحهم ، ووجوب دفن موتاهم ، وسائر أحكام الأموات ، واحترام أموالهم ونفوسهم إلى غير ذلك من أحكام الإسلام ـ وبين بغضهم وعداوتهم وسبّهم ، والثاني هو الناصب ويكون مشمولا لحكمه ، وقد تقدّم حكمه.
والدليل على أنّهم ما لم يبغضوا ولم يسبّوا يكونون بحكم الإسلام ويجرى عليهم أحكامه من طهارة أبدانهم إلى آخر ما ذكرنا ، هو شمول إطلاقات أدلّة أحكام
__________________
(١) التوبة (٩) : ٨٢ و ٩٥.
(٢) النساء (٤) : ٧٩.