انتفاء شرط الرباء ، وهو عدم كونه من المكيل أو الموزون.
المسألة الثامنة : قال في التذكرة : كلّ ما له حالتا رطوبة وجفاف من الربويّات يجوز بيع بعضه ببعض مع تساوي الحالين إذا اتّفق الجنس ، وإن اختلف جاز مطلقا (١).
أقول : الأشياء التي لها حالتا رطوبة وجفاف ، كالعنب والتمر ، بل أغلب الفواكه والمخضرات ، كبادنجان وبانية مثلا ، ففي جميعها تارة تقع المعاملة بين متّفقي الجنس والحالة ، مثل أن يبيع العنب بالعنب ، أو الرطب بالرطب ، أو التمر بالتمر ، أو الزبيب بالزبيب ، وهكذا في سائر الموارد ، فمع الاختلاف كيلا في المكيل ووزنا في الموزون باطل ؛ لكونه من الربا المحرّم ، وأمّا مع التساوي فلا مانع في البين ؛ لعدم الربا ، وشمول الإطلاقات له.
وربما يقال بعدم صحّة الرطب بالرطب ؛ لعدم العلم بتساويهما بعد الجفاف وفي حال الادّخار ، مع أنّ الغرض والمقصود من المعاملة هو الادّخار.
وفيه : أوّلا : أنّ التفاوت بينهما غالبا يكون بمقدار يسير ، بحيث يتسامح العرف في ذلك المقدار ولا يعتني به ، وذلك كما إذا بيع الحنطة التي فيها شيء يسير من التراب أو خليط آخر الذي لا يخلو الحنطة منه غالبا ، فبعد ما جفّا وإن كان من الممكن أن يكون الجفاف في أحدهما أكثر وأزيد ، فيختلف وزنهما بالدقّة ، ولكن الاختلاف قليل بحيث لا يعتنى به.
وثانيا : أنّ المعتبر في عدم تحقّق الربا تساويهما حال وقوع المعاملة وصدور العقد ، أي النقل والانتقال شرعا ، وأمّا خروجه عن المساواة بعد وقوع المعاملة فلا يوجب صيرورتها رباء.
وثالثا : ليس الغرض من المعاملة دائما هو الادّخار والإبقاء ، بل المقصود أكلها رطبا ، وإنّما يكون التبديل لأجل أغراض أخر.
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٨٢.