ينجرّ إلى قتله ، كما هو كذلك الحكم الوارد في الشرع بالنسبة إلى تلويث الكعبة المعظّمة ، بل القرآن الكريم وضريح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّه كاشف قطعيّ عن كفره أو ارتداده إن كان مسلما. أمّا لو أهان نعمة من نعم الله ، كما لو سحق الخبز برجله متعمّدا من غير عذر ولا ضرورة ، ينكرون بالصيحة في وجهه لا أزيد من ذلك.
والحاصل : أنّ أصل الإنكار بالنسبة إلى إهانة المحترمات في الدين من مرتكزاتهم ، وإن كانت مراتبه مختلفة بالنسبة إلى مراتب المحترمات ، نعم العوام كثيرا ما يشتبهون في تشخيص مراتب المحترمات كما هو شأنهم في كثير من الأمور.
الثالث : حكم العقل بقبح إهانة ما هو محترم عند المولى ، واستحقار ما هو معظّم عنده ، ويرجع استحقار ما هو محترم عنده ومعظّم لديه إلى الاستخفاف بالمولى ، فيستحقّ الذمّ والعقاب ، واستحقاق الذمّ والعقاب من اللوازم التي لا ينفكّ عن فعل الحرام أو ترك الواجب الذي هو أيضا حرام ، فكلّ فعل كان موجبا لاستحقاق العقاب فلا محالة يستكشف منه أنّه حرام ، وذلك ببرهان الإنّ ، أي استكشاف العلّة من وجود المعلول والملزوم عن اللازم ، وإن شئت قلت : إذا حكم العقل بقبح شيء فيستكشف عنه حرمة ذلك الشيء بقاعدة الملازمة.
ثمَّ إنّ الإهانة واستحقار المحترمات والحرمات والشعائر والمشاعر تارة لا يتحقّق إلاّ بالقصد ، فهي في هذا القسم من العناوين القصديّة ، كالتعظيم الذي هو ضدّه ، فكما أنّ القيام لا يكون تعظيما ومن مصاديقه إلاّ بذلك القصد ، وإلاّ لو كان لجهة أخرى أو للاستهزاء بمن يقوم له لا يصدق عليه أنّه تعظيم ، فكذلك الأمر في الإهانة والاستحقار لا يصدق على الفعل القابل لذلك كمدّ الرجل إلى أحد هذه الأمور المحترمة ، أو وضعها عليه ، أو حرقها ، أو سحقها إلاّ أن يكون بقصد الإهانة والاستحقار. وأخرى تكون بنفسه إهانة ولو لم يقصد ، كما أنّ في التعظيم أيضا يمكن أن يقال : إنّ السجود لشخص أيضا تعظيم له قصده أو لم يقصد.