هو المحقّق في الأصول ، وإن كان الأحوط تخصيصها بالمخالفين ؛ لاحتمال الانصراف.
الثاني : أنّ ما ذكرنا من أنّ إتيان الواجب تقيّة موافقا لهم مجز عن الإتيان به ثانيا موافقا لما هو الحقّ ـ كما إذا صلّى متكتّفا ، أو مع المسح على الخفّين ، أو مع غسل الرجل بدل مسحها ، بدون بسم الله في القراءة وأمثال ذلك ـ إنّما يكون فيما إذا أتى بالعمل الناقص موافقا لهم.
كما إذا صلّى بأحد الوجوه المذكورة ، أو صام وأفطر قبل ذهاب الحمرة المشرقيّة أو قبل انتشارها فوق الرأس ، أو حجّ ووقف في الموقفين موافقا لهم من دون استناده إلى أمارة شرعيّة أو عقليّة هلال ذي الحجّة في يوم كذا إذا كان شاكّا ، لا أن يكون قاطعا بعدم كون الوقوف في يوم عرفة كما ذكرنا مفصّلا.
وذلك لما ذكرنا أنّه أتى بما هو المأمور به بالأمر الواقعي الثانوي ، وهو مجز ، كما حقّقنا المسألة في الأصول في مبحث الإجزاء.
وأمّا لو ترك الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي ، ولم يكن إتيان المأمور به بالأمر الواقعي الثانوي في البين ، بل صرف ترك للأوّل لأجل التقيّة ، فلا وجه للإجزاء ؛ لأنّه لم يأت بشيء كي يكون مجزيا. وإفطار الإمام الصادق عليهالسلام في الحيرة لأجل الخوف عن أبي العبّاس العباسي ـ الذي تقدّم ذكره ـ (١) الظاهر أنّه من هذا القبيل ، فلا معنى لأن يكون مجزيا ، ولعلّه لأجل ذلك قال عليهالسلام : « لأن أفطر يوما من رمضان فأقضيه » فالقضاء في هذا المورد لا بدّ منه ، ولا يدلّ هذا على عدم كون التقيّة مجزيا.
الثالث : أنّه لا شكّ في ثبوت موضوع التقيّة مع الخوف الشخصي ، بمعنى أنّه يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله لو ترك الموافقة معهم ، إذ هذا هو القدر المتيقّن من أدلّة
__________________
(١) تقدّم ذكره في ص ٦١ ، رقم (١).