حرّم حلالا » (١).
فالصلح الذي أحلّ حراما ، أي كان مفاده لزوم ارتكاب محرّم ، والصلح الذي حرّم حلالا ، أي كان مفاده لزوم ترك ما هو حلال ، وهذا هو معنى تحريم الحلال وتحليل الحرام ، وإلاّ فالحلال لا يصير محرّما واقعا إلاّ بتبديل الحكم من طرف الشارع ، فالمراد من تحليل الحرام وتحريم الحلال هو أن يكون مفاد الصلح هو أحد الأمرين : إمّا لزوم فعل محرّم وهذا هو تحليل الحرام ، أو لزوم ترك مباح أو ما هو راجح فعله وهذا تحريم الحلال ، فمفاد الاستثناء هو عدم نفوذ مثل هذا الصلح الذي يحرّم حلالا أو يحلّل حراما ، وأنّه ليس بجائز. وهذا واضح جدّا.
[ الأمر ] الرابع : في أنّ الصلح صحيح وجائز مع علم الطرفين ومع جهلهما بالمقدار الذي يقع الصلح عنه ، فإذا كان أحد الوارثين أو أحد الشريكين المقدار الذي يملكه من المال المشترك غير معلوم لنفسه ولا لشريكه ، فيجوز أن يصطلحا على حصّته من ذلك المشترك مع جهل الطرفين ، كما أنّه يجوز الصلح عن حصّته مع علمهما أيضا.
وهذا الحكم إجماعيّ ، ويدلّ عليه قبل الإجماع ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه عليهالسلام قال في رجلين كان لكلّ واحد منهما طعام عند صاحبه ، ولا يدري كلّ واحد منهما كم له عند صاحبه ، فقال كلّ واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ولي ما عندي فقال : « لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت أنفسهما » (٢).
فهذه الرواية صريحة في صحّة الصلح مع جهلهما بمقدار ما يصالحان عنه ويصطلحان عليه ؛ لأنّ مورد الحكم بعدم البأس هو عدم علم المصطلحين بمقدار ما يصطلحان عليه ؛ لأنّ المورد حسب تصريح الراوي وفرضه هو أنّه كلّ واحد منهما لا يدري كم له عند صاحبه.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٠ ، رقم (٣).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٣.