فكلام عجيب ؛ لأنّه بعد قبوله المبنى الذي ذكرنا وأنّه من الممكن أن تكون منفعة الشيء من الأعيان الخارجيّة ، فأيّ فرق بين الشاة المنحة والانتفاع بلبنها ، وبين النخلة مثلا والانتفاع بثمرها ، بل كون ثمار الأشجار منفعة لها أبين من كون الماء الموجود في البئر منفعة لها ، وأيضا أبين من كون اللبن من منافع الشاة أو المرضعة.
وشيخنا الأستاذ قدسسره حيث أنّه لم يختر هذا المبنى ذهب إلى عدم صحّة إجارة هذه الأمور ، وقال في إجارة الشجر لأثماره ـ في مقام إنكار صحّة إجارة هذه الأمور ـ في حاشيته على العروة : خصوصا في إجارة الأشجار للانتفاع بأثمارها. فكأنّه قدسسره يرى القول بإجارة الأشجار بلحاظ الانتفاع بأثمارها أبعد عن الصحّة من إجارة الشاة المنحة بلحاظ لبنها ، والمرأة المرضعة بلحاظ إرضاعها أو لبنها ، والبئر بلحاظ الانتفاع بمائها ، ونحن لم نفهم فيها خصوصيّة أوجب ذلك.
الجهة الثانية
في بيان الدليل على هذه القاعدة
وهو أمران :
[ الأمر ] الأوّل : الإجماع فهذا صاحب الجواهر قدسسره يقول في مقام شرح هذه العبارة التي في الشرائع وهي : « كلّما صحّ إعارته صحّ إجارته » (١) : بلا خلاف أجده نقلا وتحصيلا ، بل إجماعا كذلك (٢).
ومثل هذه العبارة من هذا الفقيه المحقّق المتتبّع لها قيمتها ، وإن كان قد تقدّم منّا مرارا الإشكال على أمثال هذه الإجماعات التي من المحتمل القريب أن يكون اتّفاقهم مستندا إلى مدرك يعتمدون عليه ، من دون أن يكون سبب اتّفاقهم تلقّيهم عن
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ١٤٠.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٢٧ ، ص ٢١٣.