وذلك لأجل أنّ المعاملة في المفروض وفي أمثاله وفي باب تبعّض الصفقة تنحلّ إلى معاملتين ، وفي كلّ واحد منهما المبيع غير المبيع في الآخر ، فلكلّ واحد منهما من الثمن ما يقابل قيمته لا كمّيته.
هذا كلّه فيما إذا لم يحصل الاشتراك في المبيع بين النصفين بواسطة الاختلاط أو الامتزاج ، وإلاّ فإذا حصل الاشتراك في المبيع قبل البيع بواسطة الاختلاط ، فبناء على ما هو الصحيح من كون الاشتراك بنسبة ماليّة المختلفين لا بنسبة كمّيهما ، فلا يبقى إشكال في البين ، ولا يأتي الربا في البيع المذكور ؛ لأنّه بناء على هذا مالك النصف الجيّد من المبيع يملك ثلثي المبيع بواسطة اختلاط ماله الجيّد مع المال الرديّ الذي لشريكه ، فكون ثلثي الثمن له في المفروض يكون على القاعدة.
نعم يأتي كلام في نفس الاشتراك بنسبة ماليّة ماليهما لا كمّيهما ، وأنّه بناء على على أن يكون الاشتراك معاوضة ، وبناء على إتيان الربا في جميع المعاوضات حتّى المعاوضات القهريّة ، فيكون للاشتراك بالنحو المذكور ربا مردوعا من قبل الشارع ، فلا بدّ من القول بعدم كون نتيجة الاشتراك بين المالين الجيّد والرديّ إذا كانا من جنس واحد أو إذا كانا في حكم جنس واحد هو الاشتراك بنسبة ماليّة المالين وقيمتهما.
وعلى كلّ حال محلّ هذا البحث ليس هاهنا ، وموكول إلى كتاب الشركة.
المسألة العاشرة : الظاهر أنّ المعاملة الربويّة حرام وفاسدة بتمامها ، فلا يملك البائع ـ مثلا ـ شيئا من الثمن ، ولا المشتري شيئا من الثمن ؛ لا أنّ الحرمة أو الفساد مخصوص بالمقدار الزائد على أحد العوضين.
وذلك لوجوه :
الأوّل : أنّ ظاهر قوله تعالى ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) (١) تقسيم المعاملات على قسمين في متّحدي الجنسين : أحدهما أن لا تكون لأحد العوضين زيادة على
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.