الآخر وهو حلال وصحيح ، الثاني أن تكون المعاملة مشتملة على زيادة في أحدهما جزءا أو شرطا وهو حرام وباطل. ومعلوم أنّ المعاملة إذا كانت فاسدة فلا ينتقل شيء من العوضين إلى صاحب العوض الآخر ، بل يبقى كلّ واحد منهما بتمامه في ملك من كان له قبل وقوع هذه المعاملة الفاسدة. وهكذا فسّر الآية الشريفة في مجمع البيان وقال : أي أحلّ الله البيع الذي لا رباء فيه ، وحرّم البيع الذي فيه الربا (١).
الثاني : ما قرّرنا وأثبتنا في إحدى قواعد هذا الكتاب أنّ العقود تابعة للقصود ، إذ لا شكّ في أنّ المتعاملين قصدا انتقال العوض المشتمل على الزيادة جزءا أو شرطا إلى الطرف المقابل بعوض ما ينتقل منه إليه ، فلو قيل : إنّ ما انتقل اليه هو العوض بدون تلك الزيادة ، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، ويخالف هذا تبعيّة العقود للقصود.
ولا يأتي ها هنا ما يقال في باب تبعّض الصّفقة ، من جهة أنّه هناك يمكن القول ـ بل لا بدّ منه ـ بأنّ العقد الواحد ينحلّ إلى عقدين كلاهما مقصودان ، غاية الأمر أنّ شرائط الصحة في أحدهما موجودة دون الآخر ، وأمّا في المقام القول بالانحلال لا معنى له ؛ إذ ليس في مقابل الزيادة شيء كي يقال إنّه عقد آخر.
الثالث : الأخبار ، فإنّ ظاهرها بطلان المعاملة الربويّة وفسادها ، لا عدم انتقال الزائد فقط إلى صاحب العوض الآخر.
منها : قوله عليهالسلام : « لا يصلح التمر اليابس بالرطب ، من أجل أنّ التمر يابس والرطب رطب ، فإذا يبس نقص » (٢).
وقوله عليهالسلام وقد سئل عن العنب بالزبيب؟ قال : « لا يصلح إلاّ مثلا بمثل ». (٣)
__________________
(١) « مجمع البيان » ج ١ ، ص ٣٨٩.
(٢) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٨٩ ، باب المعاوضة في الطعام ، ح ١٢ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٩٤ ، ح ٣٩٨ ، باب بيع الواحد بالاثنين ... ، ح ٤ ؛ « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٩٣ ، ح ٣١٤ ، باب بيع الرطب بالتمر ، ح ٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٤٥ ، أبواب الربا ، باب ١٤ ، ح ١.
(٣) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٩٠ ، باب المعاوضة في الطعام ، ح ١٦ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٩٧ ، ح ٤١٧ ،