الثاني؟ فيصحّ التمسّك بهذه القاعدة لإثبات لزومه.
الثاني : الأدلّة والعمومات والإطلاقات اللفظيّة من الآيات والروايات :
فمن الأوّل قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وتقريب دلالتها على لزوم جميع العقود هو أنّه لا شبهة في أنّ كلمة « العقود » بما أنّه جمع معرّف بالألف واللام يكون من ألفاظ العموم ودالاّ عليه ، فيكون معنى الآية : يجب الوفاء بجميع العقود.
وهذا العموم الأفرادي الذي هو ظاهر الآية ومدلول مطابقي لها ، يستتبع عموما أزمانيّا أيضا بدلالة الاقتضاء ، لأنّ الآية لو كانت مهملة من هذه الجهة يصدق امتثالها بالوفاء في آن من الآنات ، فيكون هذا الحكم لغوا لا فائدة فيه ، فصونا للكلام عن اللغويّة لا بدّ وأن نقول بأنّ المراد وجوب الوفاء في كلّ زمان. ولا شكّ في أنّ وجوب الوفاء في كلّ زمان يكون من لوازم اللزوم ، بل يكون عرفا مساوقا معه ويصحّ التعبير عن اللزوم به عرفا.
وأمّا توهم أنّ وجوب الوفاء بالعقد عبارة عن لزوم العمل بمضمونه ما دام موجودا وباقيا ، ولا يدلّ على عدم جواز إزالته بالفسخ ؛ لأنّه لا تنافي بين جواز إزالته ووجوب الوفاء به ما دام موجودا ، فلو قال : أكرم زيدا في كلّ زمان ما دام موجودا في البلد ، فجواز إخراجه من البلد لا ينافي وجوب إكرامه في كلّ زمان ما دام موجودا في البلد.
وبعبارة أخرى : يكون من قبيل الأصل الحاكم مع الأصل المحكوم ، فوجوب العمل بالأصل المحكوم والجري بمقتضاه في كلّ زمان لا ينافي مع مقتضى دليل الأصل الحاكم ؛ لأنّ العمل بمقتضى أصل المحكوم معلّق عقلا على بقاء موضوعه ، أي كونه شاكّا ، فإذا ارتفع موضوعه بالأصل الحاكم ، لا يبقى تعارض في البين ؛ ولذلك قلنا في باب تعارض الأدلّة أنّه لا تعارض بين دليل الحاكم والمحكوم.
فهاهنا حلّ العقد وإفناؤه لا ينافي وجود العمل بمقتضاه دائما وفي كلّ زمان ؛ لأنّ