وعلى كلّ حال يجوز قطعها لأمور :
منها : إذا توقّف حفظ نفس محترمة على القطع ، فيجب لوجوب ذي المقدّمة.
ومنها : جواز قطعها لحفظ مال محترم ، وقد يجب إذا كان حفظ ذلك المال عن التلف واجبا ، كما إذا كان أمانة مالكيّة أو شرعيّة عنده ، وصور وجوب حفظ المال كثيرة ، وملاك وجوب القطع في جميع موارد وجوب حفظ المال واحد ، وهو كونه مقدّمة لواجب ؛ فتطويل الكلام في هذا المقام لا أثر له.
ومنها : إذا تزاحم الصلاة مع واجب أهمّ ، ولو كان أهميّته من جهة كونه مضيّقا وكون الصلاة موسّعا ، كما هو كذلك في المثل المعروف ، أي وجوب إزالة النجاسة عن المسجد مع الصلاة في الوقت الموسّع ، فحيث أنّ أحد المرجّحات الخمسة المعروفة في باب التزاحم هو ضيق أحد الواجبين المتزاحمين بالنسبة إلى الآخر ، فيجوز قطع الصلاة إذا كان وقتها موسّعا بالنسبة إلى الإزالة.
هذا فيما إذا علم بالنجاسة ووجوب إزالتها قبل الصلاة فعصى ودخل في الصلاة ، فحيث أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ ، وحرّرنا المسألة في كتابنا « منتهى الأصول » (١) فالصلاة صحيحة ، إمّا بالأمر الترتّبي ، وإمّا بالملاك. والتفصيل في محلّه.
ولكن الأمر بالصلاة كما أنّه حدوثا كان طوليّا بالنسبة إلى الأمر بالإزالة ، فكذلك يكون بقاء ، لأنّه ما لم يحصل العصيان ولم يسقط الأمر بالإزالة لا يكون الأمر بالصلاة في عرض الأمر بالإزالة ومطلقا ، بل يكون مشروطا بعصيان الإزالة. وعليه بنينا صحّة الترتّب ، وإلاّ يكون من المحالات الواضحة البيّنة.
ومثل هذا الأمر الطولي ـ المشروط بعدم الاشتغال بالإزالة في المفروض ـ لا يمكن أن يكون مانعا عن قطعها والاشتغال بالإزالة ، فلا يمكن أن يكون قطع الصلاة في
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٣٠٣.