هذا الفرض والتقدير حراما ، إلاّ أن يأتي دليل خاصّ على أنّ قطع الصلاة حتّى في فرض وجود المزاحم الأهمّ والالتفات إليه قبل الصلاة حرام ، ولكن مرجع هذا يكون إلى سقوط أمر الأهمّ ، وهو خلاف الفرض.
وأما إذا لم يعلم بالنجاسة إلاّ بعد الدخول في الصلاة ، فلا يجوز له قطع الصلاة ؛ وذلك لأنّ ما يمنع عن التكليف بالمهمّ مطلقا ومن غير الاشتراط بعصيان الأهمّ هو فعليّة الأهمّ وتنجّزه ، وإلاّ لو لم يكن منجّزا فصرف وجود التكليف واقعا لا يؤثّر في سقوط أمر المهمّ مطلقا بناء على عدم إمكان الترتّب ، أو إطلاقه بناء على إمكانه ووقوعه.
وذلك لأنّ الملاك في كلا المتزاحمين موجود ، وسقوط أصل خطاب المهمّ أو إطلاقه لأجل عدم القدرة على الجمع ، وإلاّ كان يجب أن يأتي بهما جميعا ، والذي يسلب القدرة شرعا عن المهمّ هو تنجّز الأهمّ ، وإلاّ فصرف وجوده وفعليّته من دون تنجّزه لا يكون موجبا لسلب القدرة عن المهمّ ؛ لأنّ سلب القدرة عن المهمّ يكون بصرف القدرة في الأهمّ ، فإذا لم يكن منجّزا فلا يحكم العقل بصرف القدرة في الأهمّ ، فتبقى قدرته للمهمّ بدون مزاحم ، فيكون وجوبه مطلقا غير مشروط بترك الأهمّ إن كان المهمّ هي الصلاة أيضا مطلقا ، فيقع التزاحم بين حرمة القطع الذي حرمته مطلق ، وبين وجوب الإزالة الذي هو مطلق أيضا بعد الالتفات إلى نجاسة المسجد ووجوب إزالتها عنه.
فشاغليّة وجوب الإزالة في هذا الظرف عن الأمر بالمهمّ متوقّف على تنجّزه ، وتنجّزه متوقّف على ارتفاع النهي عن الإبطال ، وارتفاعه متوقّف على شاغليّة وجوب الإزالة ، أي الأمر بالأهمّ عن الأمر بالمهمّ ، وهذا دور واضح.
هذا ما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره (١) وفيه تأمّل واضح ، لأنّ تنجّزه ليس متوقّفا على
__________________
(١) « فوائد الأصول » ج ٢ ، ص ٣٧٨.