لأنّه أتى بما هو المأمور به واقعا بقصد القربة ، فحصل الامتثال والإجزاء عقلي. وإن أثم بتركه للتقيّة ، ولكنّه خارج عن الصلاة ، فيكون من قبيل النظر إلى الأجنبيّة حال الصلاة ، حيث أنّه لا هو جزء للصلاة المأمور بها ، ولا مركّب معها تركيبا اتّحاديّا ، ولا انضماميّا ، فليس لا من باب النهي في العبادة ولا من باب الاجتماع.
والذي ينبغي أن يقال في المقام : هو أنّ ما يتحقّق به المخالفة للتقيّة ويكون مصداقا حقيقيّا للمخالفة معهم ، ليس على نسق واحد ، بل قد يكون جزءا للعبادة ، فيأتي بذلك الجزء المخالف معهم باعتبار أنّه جزء للمأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي ، فيكون النهي متعلّقا بذلك الجزء ، فتكون العبادة المشتملة على ذلك الجزء المنهي عنه فاسدة. والمسألة محرّرة في الأصول ، وقد أوضحنا وجهه في الجزء الأوّل من كتابنا « منتهى الأصول » (١) في مسألة النهي المتعلّق بالعبادة.
وقد لا يكون كذلك ، بل يكون من قبيل إدخال ما ليس من العبادة فيها ، ويكون من قبيل التشريع المحرّم بالأدلّة الأربعة ، فيكون النهي متعلّقا بأمر خارج عن العبادة ، فلا وجه لأن يكون ترك ذلك الشيء موجبا للبطلان ؛ لما قلنا من أنّه أتى بالمأمور به على وجهه ، والإجزاء عقليّ ، نعم أثم بذلك الترك وتلك المخالفة ؛ لأنّه منهيّ.
فبناء على ما ذكرنا ترك التكتّف وقول « آمين » في مورد وجوبهما تقية لا يوجب بطلان الصلاة ، وإن كان آثما بذلك الترك.
تنبيه
هذا الذي ذكرنا وتقدّم كان في الإتيان بالواجبات بل المستحبّات تقيّة ، بأن يدخل فيها ما ليس بجزء أو شرط ، أو يترك ما هو جزء أو شرط ، أو يأتي بما هو
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٤١١.