أحدهما : اتّحاد الثمن والمثمن في الجنس وأن يكونا من نوع واحد.
الثاني : كونهما ممّا يعتبر في بيعهما الكيل أو الوزن.
فلا بدّ من توضيح هذين الأمرين ، وأنّه ما المراد من اتّحاد الجنس والنوع في الشرط الأوّل ، وأنّه ما المناط في كون الشيء مكيلا أو موزونا في الشرط الثاني ، فنقول :
أمّا المراد من اتّحاد الجنس والنوع في الشرط الأوّل بعد الفراغ من أنّه ليس المراد به اتّحاد الجنس والنوع المنطقي أي تمام المشترك الذاتي بين الحقائق المختلفة المقول عليها ، ولا الكلّي المقول على الكثرة المتّفقة الحقيقة في جواب ما هم ؛ ، لعدم كون المناط في اتّحاد الجنس أو النوع هذا المعنى في باب الربا في البيع بالضرورة.
فقد يقال : إنّ المناط في اتّحاد الجنس والنوع هو كونهما بحسب الاسم متّحدين عند العرف ، بحيث لا يصح عندهم سلب الاسم الذي يطلق على أحدهما إطلاقا حقيقيّا عن الآخر.
ولا شكّ في أنّ هذا المعنى غير جار في أكثر موارد الربا ، فإنّ الشعير والحنطة مختلفان اسما ، ولا يصحّ إطلاق اسم أحدهما على الآخر إطلاقا حقيقيّا ، مع أنّهما يعدّان في الربا جنسا واحدا ، وكذلك السمسم مع الشيرج ، واللبن مع الأقط (١) أو الزبد ، وكذلك مع الجبن ، وكذلك الجبن معهما ، كما أنّه ربما يكون العوضان متّحدين في الاسم ومع ذلك لا يثبت الربا فيهما ، وذلك كلحم الغنم والبقر ، فكلاهما يطلق عليهما اللحم إطلاقا حقيقيّا ، ومع ذلك لا يجرى الربا فيهما فهذا الضابط غير تامّ لا كلية له : لا طردا ولا عكسا.
وربما يقال : بأنّ الضابط في اتّحاد جنس العوضين هو رجوعهما إلى أصل واحد ، وإن كانا فعلا بحسب الاسم مختلفين ، ولا يطلق اسم أحدهما على الآخر ، والأمثلة
__________________
(١) الأقط : لبن يابس مستحجر يتّخذ من مخيض الغنم. « القاموس المحيط » ج ٢ ، ٣٦٢.