سبق خصومة وتنازع في البين ، بل ولا توقّع وجودهما فيما بعد ، وهكذا ليس منحصرا ومختصّا بما أنشأ بالعقد.
فهذا تعريف بالأخصّ للصلح لاختصاصه بما ينشأ بالعقد في مورد التخاصم والتنازع.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ جعل رفع التنازع وقطع التجاذب غاية لتشريعه ، يكون من باب حكمة التشريع لا علّته كي يكون شرعيّته دائرا مدار وجود هذه العلّة ، فإذا لم يكن تنازع وتخاصم بين المتسالمين على أمر مالي أو غير مالي لا يصدق عليه الصّلح ؛ وذلك من جهة الفرق بين حكمة التشريع وعلّته ، ففي الأوّل لا يكون الحكم وما شرّع وجوده دائرا مدار حكمة التشريع. وأمّا في الثاني ـ أي علّة التشريع ـ يكون وجود الحكم دائرا مدار وجودها ، فمثل استبراء الرحم حكمة لتشريع العدّة ، ولذلك لو كانت المرأة في سنّ من تحيض ولم يكن زوجها لا مسها منذ زمان طويل لمرض أو سفر أو غير ذلك يجب عليها الاعتداد ، مع أنّ الرحم لا يحتاج إلى الاستبراء ؛ وهكذا بالنسبة إلى تشريع وجوب القصر والإفطار في السفر ، حيث أنّ في تشريعهما حكمة هي المشقّة ، وفي كثير من الأسفار لا مشقّة ، خصوصا في هذه الأزمان والسفر مع الطيّارة ، ومع ذلك عند عدم وجود هذه الحكمة الحكم لا ينعدم.
فليكن فيما نحن فيه أيضا كذلك ، أي لا ينافي عدم وجود نزاع في البين ومع ذلك يكون الصلح موجودا ؛ فيكون التنازع حكمة تشريع الصلح ، لا علّة تشريعه.
ثمَّ إنّ ها هنا أمورا يجب أن نذكرها
[ الأمر ] الأوّل : أنّ الصلح معاملة مستقلّة ، وليس من فروع البيع تارة ، والإجارة أخرى ، والعارية ثالثة وهكذا كما توهّم.
وجه التوهّم : أنّ الصلح على عين متموّل بعوض مالي يفيد فائدة البيع ؛ لأنّ البيع