وأمّا إن كانوا يقولون بأنّ ذلك الوجود الواحد هو الله ، والممكنات لا وجود لها ، وليست إلاّ صرف خيال وأوهام. وبعبارة أخرى : ينفون الوجود عمّا سوى الله ، ولا يدّعون أنّ للممكنات وجودا ووجودها عين وجود الله جلّ جلاله.
فهذا القول وإن لم يكن كفرا ، لكنّه إنكار للبديهي وخلاف ما يدركه العقل السليم عن شوائب الأوهام ، وكيف يمكن أن يدّعى أنّ هذه السماوات مع أنجمها والأرض مع جبالها وأنهارها وأشجارها وأبحرها ومعادنها ونباتاتها وحيواناتها على اختلاف مراتبها وآثارها لا وجود لها ، وجميعها أوهام وخيالات ، فبطلان هذا القول أوضح من أن يحتاج إلى بيان أو برهان.
ولكن الذي يسهل الخطب أنّ كثيرا من الشعراء الذين يذكرون أمثال هذه الخرافات والأباطيل في أشعارهم أو أقوالهم ليس إلاّ صرف لقلقة لسان من دون تدبّر وتفكّر في معاني هذه الجمل والكلمات ، ولعلّه إلى ما ذكرنا يشير ففيه عصره في كتابه عروة الوثقى بقوله : وأمّا المجسّمة والمجبّرة والقائلين بوحدة الوجود من الصوفية إذا التزموا بأحكام الإسلام فالأقوى عدم نجاستهم إلاّ مع العلم بالتزامهم بلوازم مذاهبهم من المفاسد (١).
الأمر السابع : ولد الزنا طاهر إن كان من المسلمين ، بل وإن كان أحد أبويه مسلما ، خصوصا إذا لم يكن الطرف الآخر ـ أي الكافر أو الكافرة ـ غير زان.
وبعبارة أخرى : تارة يكون الزنا من الطرفين ، ففي هذه الصورة لو كان أحد أبويه مسلما يكون الولد تابعا له. وأخرى : يكون من طرف واحد ، وفي هذه الصّورة إن كان الزنا من طرف من ليس بمسلم ، فلا شكّ في إلحاقه بالطرف الذي هو مسلم.
وأمّا إن كان الزنا من طرف المسلم ، فربما يستشكل في إلحاقه بالمسلم ، لأنّ الطرف الآخر الذي هو غير المسلم ينسب إليه الولد ، ولا يعارضه انتسابه التكوينيّ
__________________
(١) « العروة الوثقى » ج ١ ، ص ٥٤.