ذكروها لا اعتبار بها ، فإنّ دين الله لا يصاب بالعقول.
وما يقال من أنّنا نرى بالوجدان اختلاف الألبان من حيث الآثار باختلاف ذوي الألبان ، وإن كان حقّا ـ حتّى أنّ الحيوان الشخصي يختلف ألبانه من حيث الآثار باختلاف الأغذية ؛ ولذلك كانت الأطبّاء يعطون الدواء للأمّ التي رضيعها كان مريضا فضلا عن ألبان الحيوانات المختلفة نوعا ومهيّة ـ ولكن مع ذلك لو لم يكن الحكم اتفاقيّا ومورد الإجماع لا يمكن إثباته بهذه الأمور ، مع حكم العرف بأنّ اللبن عن جميع الحيوانات حقيقة واحدة. اللهمّ إلاّ أن يقال بأنّه عند العرف أيضا مختلف باختلاف ذي اللبن ، أو علمنا بالتجزية والتحليل أنّها حقائق مختلفة.
المسألة الخامسة : قال المحقّق في الشرائع : الأدهان تتبع ما تستخرج منه (١).
أقول : الأدهان إمّا تستخرج من حليب الحيوانات ، وإمّا من شحومها ولحومها أو سائر أعضائها ، وإمّا من النباتات أي من أثمارها ، كدهن اللوز والجوز والزيتون وأمثالها ؛ فهذه أقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : فحالها حال الحليب الذي استخرج منه ، وقد تقدّم في المسألة السابقة أنّ الألبان تتبع اللحمان في التجانس والاختلاف ، فبناء على هذا الدهن المستخرج من حليب الغنم بأقسامه ، ما عزه وضأنه ، لا يجوز بيعه بالتفاضل مع دهن آخر من حليب الغنم ، وأمّا دهن حليب الغنم مع دهن حليب البقر أو الإبل ، أو غيرهما من نوع آخر غير الغنم فلا يأتي فيه الربا.
والحاصل : أنّ حال الدهن في التجانس والاختلاف حال اللبن الذي يستخرج منه.
وأمّا القسم الثاني : أي الدهن الذي يستخرج من بدن الحيوان ، فحاله حال بدن الحيوان ولحمه وأعضائه ، وقد تقدّم تفصيل ذلك.
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٣٩.