الجهة الخامسة
في الربا في باب القرض
أقول : القرض عبارة عن تمليك مال للآخر بالضمان ، وربما يقال بدل قولنا بالضمان : بعوضه الواقعي ، وعلى كلّ حال لسنا في مقام بيان حقيقة القرض ، وأنّه من العقود اللازمة أو الجائزة ، ويجري فيه المعاطاة أم لا ، وأنّ المعاطاة فيه يوجب ملكية المستقرض لما اقترضه أو لا يوجب إلاّ الإباحة وإنّما الملكيّة تحصل بالتصرّف ؛ لأنّ هذه المذكورات محلّ بحثها كتاب القرض
وإنّما المهمّ في المقام هو أنّ أخذ المقرض عن المستقرض الزيادة عمّا أعطاه الذي يسمّى بالربا مطلقا حرام ، أو حرمته مشروط بشرط؟ وأيضا أنّ القرض ـ أي المعاملة الكذائيّة ـ تكون فاسدة إذا اشترط الزيادة ، أو أخذ الزيادة فقط حرام ، وأمّا المال الذي أقرضه المقرض فهو حلال ولا بأس به؟ وأنّه هل حرمة الزيادة فيما إذا اشترط ذلك ، أو حرام وإن لم يشترط؟
فهذه أمور نريد أن نتعرّض لها في هذا المقام ، فنقول :
تحقيق الحقّ في هذه الأمور موقوف على ذكر الأخبار الواردة في هذا الباب كي نستظهر منها ما هو الصحيح :
فمنها : ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن جعفر بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الربا رباءان : أحدهما رباء حلال ، والآخر حرام. فأمّا الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضا طمعا أن يزيده ويعوّضه بأكثر ممّا أخذه بلا شرط بينهما ، فإن أعطاه أكثر ممّا أخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له ، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه ، وهو قوله عزّ وجل ( فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ ) (١) وأمّا الربا الحرام فهو الرجل
__________________
(١) الروم (٣٠) : ٣٩.