هذا ، مضافا إلى شمول المطلقات مثل قوله تعالى ( الصُّلْحُ خَيْرٌ ) (١) ومثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الصّلح جائز بين المسلمين » (٢) ـ أو « النّاس » كما في رواية أخرى (٣) ـ لكلتا حالتي علمهما وجهلهما ؛ لأنّ الصلح في كلتا الحالتين صلح ، وكلّ صلح خير بإطلاق الآية ، وهكذا كلّ صلح جائز ونافذ بإطلاق الحديث ، فعدم الصحّة في صورة جهلهما أو علمهما يحتاج إلى دليل مخصّص للعمومات أو مقيّد للإطلاقات.
ثمَّ إنّه كما أنّ جهلهما بالمقدار لا يضر بصحّة الصلح ، كذلك لا يضر جهلهما بجنس ما يصطلحان عليه ؛ للإجماع والإطلاقات.
[ الأمر ] الخامس : أنّ الصلح عقد لازم لا ينحلّ إلاّ بالإقالة من الطرفين ؛ وذلك لقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) ولا شكّ في أنّ الصلح من العقود العهديّة ، وقد ذكرنا تفصيل شمول ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) للعقود العهديّة ودلالتها على اللزوم في قاعدة أصالة اللزوم في العقود ، وذكرنا سائر الأدلّة أيضا هناك من قبيل : « الناس مسلّطون على أموالهم » (٥) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يحل مال امرء مسلم إلاّ بطيب نفسه » (٦) وقوله عليهالسلام : « حرمة مال المسلم كحرمة دمه » (٧) واستصحاب بقاء أثر العقد بعد النسخ.
وأمّا انحلاله بالإقالة فلا ينافي لزومه ؛ وذلك من جهة أنّ اللزوم ها هنا حقّي ، بمعنى أنّ التزام كلّ واحد من الطرفين بالبقاء عند هذا العقد والعهد والوفاء بمضمونه الذي هو مدلول التزامي للعقد ـ ولذلك قلنا بعدم هذا الالتزام في المعاطاة ، لعدم كون
__________________
(١) النساء (٤) : ١٢٨.
(٢) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٣٢ ، باب الصلح ، ج ٣٢٦٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٦٤ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ٣ ، ح ٢.
(٣) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٥٩ ، باب الصلح ، ح ٥ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٦٤ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ٣ ، ح ١.
(٤) المائدة (٥) : ١.
(٥) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٢ ، ح ٩٩ ؛ وص ٤٥٧ ، ح ١٩٨ ؛ وج ٢ ، ص ١٣٨ ، ح ٣٨٣.
(٦) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٢ ، ح ٩٨ ؛ وص ١١٣ ، ح ٣٠٩ ؛ وج ٢ ، ص ٢٤٠ ، ح ٦.
(٧) « عوالي اللئالي » ج ٣ ، ص ٤٧٣ ، ح ٤.