وأمّا المراد من المائع بالأصالة ، فهو أنّ الشيء الذي يوجب وجود هذه الحالة على اختلاف مراتبها على قسمين : مائع ، وجامد ، فالمائع كأقسام الخمور والفقّاع وما يسمّونه العرق ، وغير ذلك ممّا ينطبق عليه هذا التعريف ، وكان في أصله مائعا ، لا أنّه صار مائعا بواسطة مزجه بالماء ، والجامد كالحشيش أو شيء آخر إذا كان هناك شيء آخر جامد بالأصل يوجب وجود هذه الحالة.
وإنّما خصّصنا الموضوع في هذه القاعدة وقيّدناه بكونه مائعا بالأصالة لأنّ ما ليس من المسكرات كذلك وإن صار مائعا بواسطة مزجه بالماء كالحشيش ليس بنجس إجماعا ، وأدلّة نجاسة المسكرات أيضا منصرفة عن المسكر الجامد بالأصالة ، كما سننبّه على هذا فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الجهة الثانية
في بيان الدليل على هذه القاعدة
وقبل ذلك نذكر الأقوال فيها ، فنقول :
المشهور عند الفقهاء قديما وحديثا هو نجاسة كلّ مسكر مائع بالأصالة ، وخالف المشهور جماعة من القدماء والمتأخّرين من أصحابنا الإماميّة وغيرهم.
أمّا من الإماميّة : حكى عن العمّاني حسن وهو المشهور بابن أبي عقيل (١) وعن الصدوقين عليّ بن بابويه وابنه محمّد بن على ابن بابويه (٢) ـ قدس سرّهما ـ ، ومن متأخّريهم المقدّس الأردبيلي (٣) ، وصاحب المدارك (٤) ، وصاحب الذخيرة السبزواريّ ، (٥)
__________________
(١) نقله عنه في « المعتبر » ج ١ ، ص ٤٢٢.
(٢) « الفقيه » ج ١ ، ص ٧٤ ، باب ما ينجّس الثوب والجسد ، ذيل ح ١٦٧ ؛ « علل الشرائع » ص ٣٥٧.
(٣) « مجمع الفائدة والبرهان » ج ١ ، ص ٣٠٩.
(٤) « مدارك الأحكام » ج ٢ ، ص ٢٩٢.
(٥) « ذخيرة المعاد » ص ١٥٣.