شَدِيدٌ ) (١) سكارى بالضمّ جمع سكران ، فإنّ فعلان يجمع على فعالي بالضم ، وسكرهم عبارة عن دهشهم من هول العذاب ، فعقولهم ذاهبة من خوف العذاب ، فعرض عليهم حالة كحالة السكران واضطرابه.
وقال بعض الفقهاء : هو ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم وظهور السّر المكتوم ، وقيل : هو ما يغيّر العقل ويحصل معه نشو النفس.
وقيل في الفرق بينه وبين الإغماء : إنّ السكر حالة توجب اختلالا في العقل بالاستقلال ، والإغماء يوجبه بالتبع لضعف القلب واليد وقيل : إنّ السكر حالة توجب ضعف العقل وقوة القلب ، والإغماء حالة توجب ضعفهما.
هذا ما ذكروه ، والذي يظهر من مجموع المعاني الذي ذكروه أنّ السكر هو وجود حالة في النفس توجب اضطرابا في الفكر ، وزوال مرتبة من العقل بحيث لو كانت هذه الحالة فيه دائمة من غير شرب المسكر لكانت فيه مرتبة من الجنون ؛ وذلك لأنّ تلك الحالة ربما توجب ارتكاب بعض القبائح والجرائم التي لا يصدر من العاقل.
نعم لا شكّ في أنّ هذه الحالة المذكورة تختلف بالنسبة إلى أشخاص شاربي المسكرات ، وأنواع نفس المسكرات ، وبالنسبة إلى القلّة وكثرة ما يشرب ، وبعض الجهات الأخر شدّة وضعفا.
والظاهر : أنّ مفهوم السكر مثل مفهوم الجنون والعقل من المفاهيم الواضحة عند كلّ أحد ، فلا يحتاج إلى التعريف ، بل هو أجلى من التعاريف التي ذكروها.
وإذا تبيّن معنى السكر ، فالمسكر هو الذي يكون شربه أو أكله سببا لوجود السكر ، فالمسكر من المشتقّات التي يكون مبدء الاشتقاق قائما بموضوعه قياما صدوريّا ، لا حلوليّا كالكاتب مثلا.
__________________
(١) الحجّ (٢٢) : ٢.