قال في النهاية : الرجس القدر ، وقد يعبّر به عن الحرام ، والفعل القبيح ، والعذاب ، واللعنة ، والكفر.
وقال في القاموس : والرجس ـ بالكسر ـ القذر ، والمأثم ، وكلّ ما استقذر من العمل المؤدّي إلى العذاب ، والشكّ والعقاب والغضب. (١)
فاستظهار هذا المعنى ـ أي كونه بمعنى النجاسة العينيّة ـ يحتاج إلى قرينة معيّنة لها من بين المعاني المذكورة ، وليس شيء في البين ، بل القرينة على خلافه ، وهي وحدة السياق.
وذلك لأنّ ظاهر الآية هو أنّ الرجس خبر إنّما في جميع الفقرات ، لا أنّه خبر لخصوص الخمر ، ولا شكّ في أنّ الميسر والأنصاب والأزلام لا يمكن أن يكون رجسا بهذا المعنى ، فلا بد وأن يكون بمعنى قابلا للحمل على الجميع ، وهذا هو المراد بوحدة السياق. والظاهر أنّ ذلك المعنى الذي هو قابل للحمل على الجميع هو المأثم الذي ذكره في القاموس ، أو الحرام الذي ذكره في النهاية ، والظاهر أنّهما واحد ، وعلى كلّ حال فلا تكون الآية مربوطة بمحلّ الكلام.
وأيضا قوله تعالى ( رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) لا يناسب هذا المعنى ، لأنّ نجاسة الخمر كنجاسة سائر النجاسات العينيّة من الأحكام الشرعيّة وليست عملا للشيطان ، نعم شربه رجس ، أي حرام ومن عمل الشيطان.
فالإنصاف : أنّ الاستدلال بهذه الآية على نجاسة الخمر لا مجال له ، وإن استدلّ بها بعض القدماء كابن زهرة في الغنية ، (٢) وقد تقدّم عبارته.
الثالث : الأخبار المرويّة عن أهل البيت عليهالسلام: وهي العمدة في المقام ، وهي على طائفتين :
__________________
(١) « القاموس المحيط » ج ٢ ، ص ٢٢٧ ( رجس ).
(٢) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٥٥٠.