ومنها : ما روى حفص ابن البختري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الصلح جائز بين الناس ». (١) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في باب الصلح وهي كثيرة.
وعقد في الوسائل بابا لفضله ، بل وفي استحبابه ، بل مفاد بعضها أنّه أفضل من عامة الصلاة والصيام. وروى ذلك في الوسائل عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ». (٢)
الثالث : من مدارك هذه القاعدة ، هو الإجماع المحصّل من جميع طوائف المسلمين ، بل قيل : إنّه لا خلاف بين أهل العلم في ذلك ، ولم ينكر أحد من الفقهاء شرعيّته بل حسنه واستحبابه.
الرابع : العقل. ولا شكّ في استقلال العقل بحسنه ؛ لأنّ الإصلاح والموافقة والتراضي والتسالم على أمر من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط حقّ أو ثبوته أو غير ذلك بين شخصين أو أزيد قد يكون بالعقد أو بغير العقد ، مقابل الإفساد والاختلاف والسخط والتخاصم ، فكما أنّ العقل حاكم بقبح الأمور الأخيرة ، فكذلك حاكم بحسن المذكورات أوّلا التي تكون الصلح عين تلك الأمور ، فبقاعدة الملازمة يثبت مشروعيّته ومطلوبيّته وإن كانت استحبابيّة.
الجهة الثانية
في بيان مفادها وشرح حقيقتها
أقول : إنّ الصلح ـ كما عرّفه جماعة من الفقهاء ـ عقد شرّع لقطع التجاذب والتنازع بين المتخاصمين. ولكن أنت عرفت وذكرنا أنّه ليس من شرط تحقّق الصلح
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٥٩ ، باب الصلح ، ح ٥ ؛ « التهذيب » ج ٦ ، ص ٢٠٨ ، ح ٤٧٩ ، باب الصلح بين الناس ، ح ١٠ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٦٤ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ٣ ، ح ١.
(٢) « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٦٣ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ١ ، ح ٦ ؛ « ثواب الأعمال » ص ١٧٨ ، ح ١.