العرف بدقائق قليلة بعد البلوغ مع ما قبله ، فلا مجال لجريان أصالة الطهارة أصلا.
هذا فيما إذا كان الجنون متّصلا بالصغر وعدم البلوغ ، وأمّا لو جنّ بعد ما بلغ عاقلا ولو بمدّة قليلة ، فلا ينبغي أن يشكّ في نجاسته وعدم جريان أصالة الطهارة في حقّه ، لصدق الكافر عليه في ذلك الزمان الذي كان عاقلا ، وإن كان ذلك الزمان قليلا.
وأنت خبير بأنّه لا فرق بين أن يكون الكافر عشرين سنة عاقلا فيصير مجنونا ، أو كان ساعة عاقلا وصار بعدها مجنونا ، لأنّ المناط فيهما واحد.
نعم لو كان جنونه بعد مدّة الفسحة للنظر بعد أن صار بالغا بدون فاصل ، فبناء على طهارته أيّام الفسحة للنظر والاجتهاد كما هو الصحيح فالظاهر طهارته ، لأنّه بناء على هذا صار طاهرا بعد أن كان نجسا ، فطرأ جنونه على الإنسان الطاهر.
وذلك لأنّ تبعيّته ارتفعت بالبلوغ ، فارتفعت النجاسة التبعية التي كانت فيه بارتفاع علّتها ، أو موضوعها بناء على ما هو الصحيح. والمفروض أنّه في مدّة الفسحة أي النظر والاجتهاد لتشخيص ما هو الحقّ من العقائد والأديان يكون طاهرا وبحكم المسلم ، ثمَّ جنّ بلا فصل فيكون كمسلم جنّ ، لا من باب القياس بل من باب عدم شمول إطلاقات أدلّة نجاسة الكافر له ، فيكون المرجع أصالة الطهارة ، بل لا مانع من جريان استصحاب طهارة زمان الفسحة.
وأمّا أولاد الكفّار من الزنا فأيضا يتبعون آبائهم في النجاسة ، وذلك لأنّ نفي الولديّة عنهم باعتبار الإرث لا مطلقا. وقد بيّنّا (١) في قاعدة الولد للفراش أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر سودة بنت زمعة بالاحتجاب عن ولد ولد على فراش أبيها زمعة لكثرة شبهها بالزاني (٢).
__________________
(١) « القواعد الفقهيّة » ج ٤ ، ص.
(٢) « صحيح بخاري » ج ٢ ، ص ٣ و ٤ ، كتاب البيوع ، باب تفسير المشتبهات ، « صحيح مسلم » ج ٣ ، ص ٢٥٦ ، كتاب الرضاع ، باب ١٠ ، ح ٣٦ و ٣٧.