والحاصل : كون الولد المخلوق من ماء رجل ومن بطن امرأة ولدا لها أمر تكويني ، بمعنى أنّ الانتساب بينه وبينها ليس أمرا اعتباريّا ، بل عرض خارجي وله حظّ من الوجود في الخارج ، ولا يرتفع بالرفع التشريعي.
نعم يمكن أن يرفعه الشارع باعتبار آثاره الشرعي ، أي يجعل في عالم الاعتبار التشريعي وجوده كالعدم. ولكن ليس في ولد الزنا دليل ينفي الولديّة باعتبار جميع آثارها ، فيجب ترتيب آثار الولديّة ما عدا الذي يكون النفي باعتباره.
ولذلك لا يجوز للزاني تزوّج بنته من الزنا ، ولا أمّه ولا أخته إذا كانت هذه النسبة حاصلة من الزنا ، فإذا جاء دليل على إلحاق أولاد الكفّار بآبائهم في النجاسة وتبعيّتهم لهم ، فيشمل الولد الذي حصل له من الزنا كما يشمل من لم يكن من الزنا. ولا فرق بين أن يكون الزنا من طرف واحد أو من الطرفين واتضح وجه ذلك.
هذا إذا كان الأبوان كلاهما كافرين ، وأمّا لو كان أحدهما مسلما لا يلحقه هذا الحكم ، لأنّ الولد ملحق بأشرف الأبوين وهو المسلم منهما. هذا معلوم إذا كان الولد شرعيّا ، كما إذا كان الأب مسلما في النكاح الصحيح ، أو كان الوطي من طرف الأمّ المسلمة وطي شبهة. وأمّا إذا كان المسلم الأب ، فالمسلمة التي تكون إمّا زان أو زانية فهل يلحق الولد بالطرف المسلم أيضا ، أم لا؟ الظاهر هو الإلحاق أيضا ، لما تقدّم أنّ النفي ليس إلاّ بلحاظ بعض الآثار لا جميعها.
اللهمّ إلاّ أن يقال النسبة الحاصلة من الزنا ليست لها شرافة كي تكون موجبة للإلحاق بالزاني المسلم ، أو الزاني المسلمة.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الحكم بالطهارة في المفروض ليس من جهة الإلحاق بالمسلم ، بل من جهة أنّ القدر المتيقّن من الإجماع على إلحاق ولد الصغير الكافر به في النجاسة فيما إذا كان الأبوان كافرين ، وأمّا إذا كان أحدهما مسلما فليس إجماع في البين ، وليس دليل لفظي على التبعية كي يؤخذ بإطلاقه ، فيكون المرجع هي أصالة الطهارة ، لا الإلحاق بالمسلم.