تعدّ منفعة ، ومفهوم المنفعة لا بدّ وأن يؤخذ من العرف كسائر المفاهيم ، فإذا كانت هذه المنافع المذكورة التي من الأعيان الخارجيّة منفعة للعين ما دامت متّصلة بها ، فتشمل الإطلاقات أدلّة الإجارة والعارية أيضا مثل هذه الموارد ، أي التسليط على الشاة المنحة والجارية المرضعة والشجرة المثمرة ، والبئر التي لها ماء وغير هذه الأمور ممّا يشبهها مع إنشاء تمليك المنافع المذكورة لهذه الأمور.
ولا يخفى أنّه ليس مرادنا من إنشاء تمليك منافع هذه الأمور أن يكون بإنشاء مستقلّ ، وإلاّ يخرج عن كونه إجارة ، بل مرادنا من تمليك منافع هذه الأمور هو إنشاء تمليكها بلفظ الإجارة المتعلّقة بنفس هذه الأمور باعتبار تلك المنافع.
وأمّا الإشكال والنقض على ما ذكرنا ـ بأنّه لا يجوز إجارة الشاة بلحاظ سخلها ، ولا الجارية بلحاظ ولدها ، ولا البذر بلحاظ الزرع ـ فغير تامّ ؛ وذلك لأنّ السخل والولد موجودان منفصلان عن الشاة والجارية ، ورحم الشاة والجارية وعاء نمائهما وتربيتهما.
مع أنّ هذه المفاهيم تختلف بنظر العرف ، فلو قال : أجرتك هذه الشاة ـ مثلا ـ يفهم العرف من هذه العبارة تمليك صوفها ولبنها ، ولا يفهم منها تمليك سخلها التي في بطنها ، وقلنا : إنّ المدار في تشخيص المفاهيم وتعيين مداليل الألفاظ والجمل هو الفهم العرفي.
مضافا إلى أنّ السخل والولد إن كانا من منافع الشاة والجارية في المتفاهم العرفي نقول بصحّة إجارتها وإعارتها ، إلاّ أن يأتي دليل من إجماع أو رواية على عدم صحّتها أو عدم صحّة أحدهما ، وأمّا البذر والزرع والبيض والدجاج والنواة والنخلة وأمثالها فالزرع والدجاج والنخلة هي عين البذر والبيض والنواة ، لا أنّها من منافعها.
وأمّا ما أفاده سيّدنا الأستاذ قدسسره في حاشية العروة بقوله : نعم ربما يشكل في إجارة الأشجار للثمار بأنّ الانتفاع الحاصل فيها يعدّ في العرف انتفاعا بالثمر لا بالشجر.