فمع وجود هذا الاحتمال القريب المؤيّد بما ذكرنا من الرواية التي رواها في ثواب الأعمال ، كيف يمكن دعوى ظهور هذه الجملة في مفاد هذه القاعدة ، فلا أقلّ من الإجمال وعدم ظهورها في كلّ واحد من هذين المعنيين.
هذا ، مضافا إلى أنّ حملها على مفاد القاعدة يوجب تخصيص الأكثر المستهجن ؛ وذلك لأنّ إرادة بعض أفراد العامّ من العموم الأفرادي ، أو إرادة بعض الأصناف من العموم الأصنافيّ مستهجن خلاف دأب أهل المحاورة وديدنهم في محاوراتهم ، ودليل المخصّص وظهوره يقدّم على دليل العامّ وظهوره فيما إذا لا يبلغ إلى حدّ الاستهجان.
وفيما نحن فيه لا ريب أنّ « أعمالكم » جمع مضاف ، وهو من صيغ العموم ، فيشمل جميع الأعمال المركّبة التي يمكن رفع اليد عنها في الأثناء على تقدير كون الإبطال بهذا المعنى الذي يدّعيه المستدلّ بهذه الآية على هذه القاعدة ، سواء كانت تلك الأعمال تعبّديا أو كانت توصّليا ، مع أنّ أغلب الأعمال يجوز إبطالها في الأثناء برفع اليد عنها أو بإتيان ما يوجب بطلانها ، وعدم إمكان إتمامها صحيحا.
بل الذي قالوا بعدم جواز قطعه في الأثناء هو فريضة الصلاة والحجّ مطلقا ، واجبا كان أو مندوبا ، مع كلام فيهما أيضا ، فكيف يجوز التعبير عن هذين العملين بهذا العموم الواسع ، وهل هذا إلاّ حصر المراد من العموم فيما هو مستهجن جدّا ، لا يليق مثل هذا بكلام السوقة ، فضلا عن كلام الله تعالى شأنه.
وأمّا ما يقال من أنّ لفظة « الأعمال » وإن كانت بحسب ظاهر الكلام تشمل جميع الأعمال ، عباديّة كانت أو غير عباديّة ، لكن سوق الآية في مقام بيان الأعمال العباديّة ، فبقرينة السياق ينقلب الظهور ويكون ظاهرا في خصوص العبادات.
ففيه : أنّ سياق الآية أنّ أوامرها إرشاديّة ، وأنّ النهي إرشاد إلى أنّ إبطال العمل وعدم إتيانه على الوجه الذي أمر به ليست بإطاعة ، فكما أنّ الأمر المتعلّق بإطاعة الله وإطاعة الرسول إرشادي ولا يمكن أن يكون مولويّا لما تقرّر في محلّه ، فكذلك النهي