المباني في المقام ، ولا أقلّ من الإجمال ، فلا يصحّ استظهار الحرمة التكليفيّة التي هي المدّعاة في المقام.
وقال بعض الأعاظم قدسسره في مقام الردّ على هذا الإشكال : إنّه لو كان المراد من التحريم الحرمة الشرطيّة لا التكليفيّة ، فكان هناك مركّبات أخر شرعيّة من العبادات ، كالوضوء والغسل ونحوهما ممّا لها منافيات ، فكان يقتضي ذكر هذه العبارة وإطلاقها عليها ، مع أنّه لم يعهد في لسان الشرع هذا الإطلاق ، إلاّ في باب الصلاة والإحرام ، وهذا يدلّ على تمحّض النظر فيه إلى حيث الحرمة التكليفيّة ، سواء اجتمعت مع الوضعيّة كما في قواطع الصلاة ، أم لا كما في بعض المحرّمات حال الإحرام.
وفيه : أوّلا : أنّ عدم إطلاق مثل هذه الجملة في غير الصلاة والإحرام لا يوجب ارتفاع ظهورها في الحرمة الشرطيّة أو إجماله واحتمالها لكلا الأمرين.
وثانيا : ذكرها في الصلاة وبل في الإحرام لأهمّيتهما ، وكثرة المنافيات من الموانع والقواطع فيهما ، فالإنصاف أنّ إثبات حرمة القطع بمثل هذه الجملة ـ التي من المحتمل القريب أن يكون المراد منها أنّه بعد أن شرع في الصلاة وكبّر بتكبيرة الإحرام يحرم عليه إيجاد المنافيات حرمة شرطيّة ، أي صحّتها موقوفة على عدم إيجاد تلك المنافيات ـ بعيد عن الصواب.
ومنها : النواهي المتعلّقة بإيجاد المنافيات من الموانع والقواطع ، كقوله عليهالسلام : « استقبل القبلة بوجهك فلا تقلّب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك » (١). وكقوله عليهالسلام : « الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلّم » (٢) وغيرهما.
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٠٠ ، باب الخشوع في الصلاة وكراهيّة العبث ، ح ٦ ؛ « الفقيه » ج ١ ، ص ٢٧٨ ، باب القبلة ، ح ٨٥٦ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ١٩٩ ، ح ٧٨٢ ، باب أحكام السهو في الصلاة ، ح ٨٣ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٣ ، ص ٢٢٧ ، أبواب القبلة ، باب ٩ ، ح ٣.
(٢) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٠٥ ، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما ، ح ٢٠ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ٥٤ ، ح ١٨٥ ، باب الأذان والإقامة ، ح ٢٥ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٤ ، ص ٦٣٠ ، أبواب الأذان والإقامة ، باب ١٠ ، ح ١٢.