إحداهما رواية خيران الخادم التي تقدّم ذكرها (١) ، وهي أنّه قال : كتبت إلى الرجل عليهالسلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه ، أم لا؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم صلّ فيه فإنّ الله حرّم شربها ، وقال بعضهم لا تصلّ فيه فكتب : « لا تصلّ فيه فإنّه رجس ».
ففي مقام الجواب عن السؤال عن العلاج بين الطائفتين المتعارضتين رجّح عليهالسلام الطائفة الدالّة على النجاسة. ولا يمكن أن يقال إنّ هذه الرواية أيضا داخلة في الطائفة المتعارضة الدالّة على النجاسة ، لأنّ ورود هذه الرواية في العلاج بين الطائفتين بعد فرض وجودهما ، فتكون في الرتبة المتأخّرة عن وجودهما ، فلا يمكن أن تكون داخلة في إحداهما.
وكذلك صحيح علىّ بن مهزيار قال : قرأت في كتاب عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام : جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام وأبي عبد الله عليهالسلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنّهما قالا : لا بأس بأن تصلّي فيه إنّما حرّم شربها ، وروى غير زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه ، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كلّه ، وإن صلّيت فيه فأعد صلاتك ، فأعلمني ما آخذ به؟ فوقّع عليهالسلام بخطّه وقرأته : « خذ بقول أبي عبد الله عليهالسلام ». (٢)
وهذه الرواية أيضا كالأولى صريحة في تقديم إحدى الطائفتين ، وهي الطائفة الدالّة على النجاسة ، على الأخرى فبملاحظة هاتين الروايتين يتعيّن الأخذ بأخبار النجاسة ، وترك الطائفة الأخرى وردّ علمها إلى أهلها ، أو حملها على التقيّة بما ذكرنا. والإنصاف أنّ مع هذا الاتّفاق من فقهاء الإسلام قاطبة إلاّ الشّاذ ممّن لا يعتدّ بخلافهم وهذه الروايات التي ذكرناها وأنّها صحاح واضح الدلالة على النجاسة ، وهاتين
__________________
(١) تقدّم في ص ٣١٦ ، رقم (٢).
(٢) « الكافي » ج ٣ ، ص ٤٠٧ ، باب الرجل يصلّي في الثوب ... ، ح ١٤ ، « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ١٠٥٥ ، أبواب النجاسات ، باب ٣٨ ، ح ٢.