ان الدليل بعد ان دل على اتصاف الغسل بالوجوب قبل طلوع الفجر كان ذلك كاشفا عن سبق وجوب الصوم وتقدمه على الطلوع فزمان الصوم وان كان يبتدأ من حين الطلوع الا ان وجوبه يبتدأ قبل ذلك بدليل اتصاف الغسل قبل الفجر بالوجوب ، وهذا هو معنى الواجب المعلق ، فان معناه ان الوجوب للصوم ثابت قبل طلوع الفجر وان كان زمان نفس الصوم يبتدأ عند طلوع الفجر.
٣ ـ لو انكرنا فكرة الواجب المعلق كما انكرها الميرزا فبالامكان حل المشكلة عن طريق آخر بان نقول : ان القدرة ـ كما عرفنا في ابحاث سابقة ـ هي دخيلة في ثبوت الوجوب وفي العقوبة جزما ولكن بالنسبة الى الملاك لا يتحتم ان تكون دخيلة فيه بل ربما تكون دخيلة فيه بحيث لا تكون المصلحة في الصوم مثلا ثابتة عند عدم القدرة ـ وتسمى القدرة حينئذ بالقدرة الشرعية ـ وربما لا تكون دخيلة فيه بان يكون الملاك ثابتا حالة العجز وعدم القدرة ايضا ، وتسمى القدرة حينئذ بالقدرة العقلية.
وباتضاح هذا نقول : ان الدليل الشرعي اذا دل على ثبوت وجوب الغسل قبل طلوع الفجر كان ذلك كاشفا عن كون القدرة قدرة عقلية ، وبتعبير آخر يكون كاشفا عن ثبوت ملاك الصوم في حق غير القادر ايضا ، ومعه فيكون ثبوت وجوب الغسل قبل طلوع الفجر على مقتضى القاعدة ، اذ لو لم يأت المكلّف بالغسل قبل الفجر فات عليه الصوم ، وبفواته يفوت الملاك الثابت في حقه.
ثم تعرضت عبارة الكتاب بعد ذلك الى انه لو فرضنا العكس فالامر يكون بالعكس ، اي لو لم يدل دليل على وجوب المقدمة قبل دخول الوقت ولكن دل على ان الملاك ثابت في حق العاجز ايضا ففي مثله نحكم بان المقدمة واجبة قبل دخول الوقت ، فانه ما دام قد دل الدليل على ثبوت الملاك في حق العاجز ايضا