ويمكن مناقشة ذلك بان لدينا ضورتين لا بدّ من التفرقة بينهما :
١ ـ ان يؤخذ العلم بثبوت الحكم الفعلي ـ المعبر عنه بالمجعول ـ في ثبوت الحكم الفعلي فيقال مثلا ان ثبوت الوجوب الفعلي للقصر على المسافر موقوف على ثبوت الوجوب الفعلي للقصر عليه. ولا اشكال في لزوم الدور في هذه الصورة ، اذ العلم بالحكم الفعلي موقوف على ثبوت الحكم الفعلي ، وثبوت الحكم الفعلي موقوف على العلم بالحكم الفعلي ، فبيان الميرزا للدور يكون تاما ، وهكذا البيان الاول حيث يصير العلم بالحكم الفعلي مولدا للحكم الفعلي لا كاشفا والحال ان واقع المطلب على العكس فان العلم بوجود الاسد في الدار لا يولّد وجوده فيه بل هو كاشف عنه.
٢ ـ ان يؤخذ العلم بالحكم الانشائي ـ المعبر عنه بالجعل او التشريع ـ في موضوع الحكم الفعلي فيقال هكذا : ان علمت بتشريع وجوب القصر على المسافر ثبت عليك حينذاك الوجوب الفعلي للقصر ، فالعلم بالمجعول لم يؤخذ في موضوع الحكم المجعول بل العلم بالجعل اخذ في موضوع الحكم المجعول. وهذه الصورة معقولة ولا يرد عليها البيان الاول ولا الثاني.
اما ان الاول لا يرد عليها فباعتبار انه لا يلزم في هذه الصورة صيرورة العلم بالشيء مولّدا له ، فالعلم بالتشريع لا يولّد التشريع بل يولّد الحكم الفعلي ، وهو معقول ، اذ لا محذور في ان يكون العلم بالشيء مولّدا لشيء آخر غير ما تعلق به العلم ، فالعلم بوجود الاسد وان لم يكن مولّدا لوجود الاسد ولكن لا محذور في توليده لشيء آخر كالخوف والفرار.
واما ان الثاني لا يرد عليها فباعتبار ان غاية ما يلزم هو توقف العلم بالحكم الفعلي على العلم بالتشريع والحكم الانشائي وهو مما لا محذور فيه انما