اما الاول فباعتبار ان نفس السفر لا ملاك له حتى يحاول المولى اظهاره عن طريق جعل الوجوب عليه ، اجل ذو المقدمة وهو الحج مثلا له ملاك الا ان ملاكه قد تم بيانه واظهاره بواسطة الوجوب النفسي الثابت للحج.
واما الثاني فباعتبار ان الوجوب الغيري ليس له محركية مستقلة ولا استحقاق للعقاب على مخالفته كما تقدم توضيح ذلك عند التعرض لخصائص الوجوب الغيري. هذا كله في اثبات الدعوى الاولى وهي : ان مقدمة الواجب ليست واجبة.
واما الدعوى الثانية ـ وهي ان مقدمة الواجب محبوبة للمولى ـ فوجهها واضح ، فانه وان لم يمكن اقامة البرهان على ان من احبّ شيئا احبّ مقدماته الا ان الوجدان قاض بذلك ، فانه يحكم بان من احب ان يكون عالما فقد احب مقدمات ذلك ومن احب الزواج فقد احب مقدماته ايضا وهلم جراء. ومما يؤيد ذلك : ان من الامور الواضحة لدى كل متشرع محبوبية الصلاة والصوم ونحوهما من الواجبات النفسية للشارع المقدس ، فلو لم تكن هناك ملازمة بين حب الشيء وحب مقدماته فلا وجه لاستكشاف محبوبيتها اذ لا يوجد ما يكشف عن كونها محبوبة سوى ان الغرض من هذه الواجبات ـ وهو الانتهاء عن الفحشاء والمنكر مثلا ـ لما كان محبوبا فيلزم كون مقدمة هذا الغرض المحبوب ـ والمقدمة هي الصلاة مثلا ـ محبوبة ايضا. اذن الملازمة بين حب الشيء وحب مقدمته لو لم تتم فلا وجه لاستكشاف كون الصلاة محبوبة.
وقد تقول : ان الوجه في استكشاف محبوبيتها ليس ما ذكر بل هو تعلق الامر بها ، فان تعلق الامر بالصلاة مثلا يكشف عن كونها محبوبة والا لما تعلق الامر بها.