( وَكَلِماتِهِ ) الآية. فإنه انما قال : ( فَآمِنُوا بِاللهِ ) حيث قال أولا ـ إني رسول الله اليكم ـ لكي تجري عليه الصفات التي أجريت عليه وليعلم أن الذي وجب الإيمان به والاتباع له هو هذا الشخص المستقبل بأنه النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته كائنا من كان أنا أو غيري اضطرارا للنصفة وبعدا للتعصب لنفسه فقرر أولا في صدر الآية بأنه رسول الله إلى الناس وأثبت ذلك في أنفسهم ، ثم أخرج كلامه من الخطاب إلى الغيبة لغرضين كبيرين قد ذكرتهما. الأول : إجراء تلك الصفات عليه. الثاني : الخروج من تهمة العصبية لنفسه فافهم ذلك. الثالث : الرجوع من الفعل المستقبل إلى فعل الأمر فعل ذلك تعظيما لمن أجرى عليه الفعل المستقبل وتفخيما لأمره وبالضد من ذلك في حق من أجري عليه فعل الأمر. فمما جاء من ذلك قوله تعالى : ( قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ) إلى قوله : ( مِمَّا تُشْرِكُونَ ) الآية. فإنه انما قال ـ أشهد الله واشهدوا ـ ولم يقل وأشهدكم ليكون موازيا له وبمعناه لأن إشهاد الله على البراءة من الشرك صحيح ثابت في معنى تثبيت التوحيد ، وشد معاقده وأما إشهادهم فما هو إلا تهاون بدينهم ودلالة على قلة المبالات بهم ، ولذلك عدل به عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما وجيء به على لفظ الأمر ، كما تقول للرجل تهكما به واستهانة ـ اشهد عليّ أني أحبك ـ وأمثال هذا كثير فاعرفه ..
الرابع : الرجوع من خطاب التثنية إلى خطاب الجمع ، ومن خطاب الجمع إلى خطاب الواحد. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) فإنه توسع في هذا الخطاب فثنى ، ثم جمع ،
__________________
(١) بهامش الاصل ما نصه .. لعله خطاب لهما ولهم كتبه أبو الوفا.