إذا قرن بالقديم ، فمن جحد منهم إنما فعل ذلك عنادا وحسدا لإبائه أن يقدم عليه أحدا.
( روي ) أن أبا جهل بن هشام هو والأخنس بن قيس ؛ والوليد بن المغيرة اجتمعوا ليلة يسمعون القرآن من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهو يصلي به في بيته إلى أن أصبحوا ، فلما انصرفوا جمعتهم الطريق فتلاوموا على ذلك وقالوا : إنه إذا رآكم سفهاؤكم تفعلون ذلك فعلوه ، واستمعوا إلى ما يقوله ، واستمالهم وآمنوا به ، فلما كان في الليلة الثانية عادوا وأخذ كل منهم موضعه ، فلما أصبحوا جمعتهم الطريق فاشتد نكيرهم ، وتعاهدوا وتحالفوا أن لا يعودوا ، فلما تعالى النهار ، جاء الوليد بن المغيرة إلى الأخنس بن قيس فقال : ما تقول فيما سمعت من محمد؟ فقال : ما ذا أقول؟ قال : بنو عبد المطلب فينا الحجابة ، قلنا : نعم ، قالوا : فينا السّدانة ، قلنا : نعم قالوا : فينا السّقاية قلنا : نعم ، يقولون فينا نبي ينزل عليه الوحي والله لا آمنت به أبدا.
( وروي ) : أن الوليد بن المغيرة سمع من النبي صلّى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) الآية. فقال : والله إن له حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر ، ما يقول هذا بشر.
( وقال أيضا ) : لما اجتمعت قريش عند حضور الموسم ورأت أن وفود العرب ترد ، فأجمعوا فيه رأيا لا يكذب بعضكم بعضا ، فقالوا : نقول كاهن ، قال : والله ما هو بكاهن ، ولا هو بزمزمته ، ولا سجعه ؛ قالوا : مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، ولا بخنقه ولا وسوسته ، قالوا :فنقول شاعر ، فقال : ما هو شاعر قد عرفنا الشعر كله رجزه ، وهزجه وقريضه ، ومبسوطه ومقبوضه ، قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر ولا نفثه ولا عقده ، قالوا : فما نقول؟ قال : ما أنتم بقائلين من هذا