نعم إنّما يتحقّق ذلك كلّه بعد طي المرحلة الثانية ، وهي أن نقول : إنّ ذلك النهي كما يوجب سلب الخطاب لكونه سالبا للقدرة ، يكون موجبا لسلب الملاك بالتقريب الذي بيّنه قدسسره في محلّه ممّا سيأتي (١) إن شاء الله تعالى ، وبعد ارتفاع الأمر خطابا وملاكا يتعيّن الحكم بفساد ذلك الفرد ، وبعد ذلك كلّه نقول : إنّه خارج عن العموم البدلي لذلك الأمر خطابا وملاكا ، وهو معنى التخصيص ، فكان التخصيص متولّدا من الحكم بالفساد. ومن ذلك يظهر لك أنّ الحكم بالفساد له مساس بوقوع المعارضة ، فلا يتمّ ما أورده في الحاشية المذكورة (٢).
وهذا بخلاف ما لو كان العموم في ناحية الأمر شموليا ، فإنّه لا يتطرّق إليه احتمال إمكان امتثال ذلك الأمر المتعلّق بالطبيعة في هذا الفرد المنهي عنه ، كي نمنع ذلك بأنّ هذا الفرد لا يمكن امتثال الأمر فيه لعدم الملاك ، لأنّ الفرض أنّ ذلك الفرد بنفسه مأمور به ، وبعد فرض تعلّق النهي به لا يكون لنا أمر متعلّق بطبيعة كلّية كي نمتثله في ذلك الفرد الذي يكون انطباق الطبيعة عليه انطباقا قهريا.
وحينئذ ففي هذه الصورة يكون المرجع الأوّل هو التخصيص ، من دون توقّف على الحكم بالفساد ، نعم بعد عملية التخصيص يكون ذلك الفرد فاسدا ، ولأجل ذلك نقول : إنّ مثل هذا النهي الذي هو في قبال الأمر الشمولي لا يدخل في محلّ النزاع في أنّ نفس النهي يوجب الفساد.
__________________
(١) سيأتي في الصفحة : ١٨٩ ( الصورة الثانية ) ما يرتبط بالمطلب ، وراجع أيضا أجود التقريرات ٢ : ٢١٦ ، وللمصنّف قدسسره حاشية توضيحية على ذلك في الصفحة : ٢٧٩ من هذا المجلّد.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٠١.