الواقع في ناحية الشرط يستلزم نفي العلّة الواقعة في ناحية الجزاء ، لكن القضية المتضمّنة لذلك لا توجب رفع اليد عمّا ادّعيناه من ظهور الجملة الشرطية في حدّ نفسها في كون الشرط قيدا في الحكم الواقع في ناحية الجزاء ، كما هو الشأن في قضايانا الأحكامية. بل إنّه قدسسره صرّح بأنّه لو كان الشرط علّة للجزاء علّة تكوينية تكون تلك القضية خارجة عمّا هو محلّ كلامنا من القضايا الأحكامية ، التي يكون مفادها تقييد الحكم بالشرط ، كما صرّح بذلك فيما نقله عنه في هذا الكتاب ، فلاحظ عبارته هناك في مقام دفع توهّم أنّه لا بدّ من كون الشرط علّة للجزاء بقوله : فمدفوع بأنّ الموضوع بالاضافة إلى حكمه وإن لم يكن علّة له ، إلاّ أنّه مترتّب عليه نحو ترتّب المعلول على علّته ، ولا تدلّ القضية الشرطية إلاّ على ترتّب التالي على المقدم. وأمّا كون الترتّب بنحو العلّية فهو ليس مفاد القضية الشرطية ، وإنّما هو من باب انحصار الترتّب في غير الأحكام في الترتّب بنحو المعلولية الخ (١).
ولاحظ أيضا عبارته في مقام الردّ على دعوى الكفاية (٢) أنّ ترتّب المعلول
__________________
دلالة الجملة على كون الشرط علّة : إلاّ أنّه لا يبعد دعوى الظهور السياقي في ذلك ، حيث إنّ سوق الكلام من جعل الشرط مقدما والجزاء تاليا هو أن يكون الكلام على وفق ما هو الواقع ، بمقتضى تبعية عالم الاثبات لعالم الثبوت ، فإنّه لو كان الجزاء علّة للشرط أو كانا معا معلولين لعلّة ثالثة لكان الكلام مسوقا لبيان البرهان الإنّي ، ويتوقّف ذلك على كون المتكلّم في مقام الاستدلال على انتفاء الشرط عند انتفاء الجزاء حسبما يقتضيه الاستدلال الإنّي ، وهذا يحتاج إلى مئونة خارجية ، وإلاّ فإنّ طبع الكلام يقتضي كون المقدم هو المقدم والتالي هو التالي في الواقع وعالم الثبوت ، فيكون الكلام قد سيق على طبق الواقع انتهى [ منه قدسسره ].
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥١ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) كفاية الأصول : ١٩٥ ـ ١٩٦.