على علّته المنحصرة ليس مغايرا في السنخ مع ترتّبه على غير المنحصر ، وبذلك منع التمسّك بالاطلاق على الانحصار ، فقال شيخنا في ردّه حسبما نقله في هذا الكتاب بقوله : وجه الفساد هو أنّ التمسّك بالاطلاق ليس من جهة إثبات انحصار العلّة حتّى يرد عليه ما ذكره ، لما عرفت من أنّه ليس كون الترتّب بنحو المعلولية مفادا للقضية الشرطية ، بل مفاده إنّما هو ترتّب التالي على المقدم ليس إلاّ الخ (١). وإن شئت فلاحظ هذه المقامات في الطبعة الجديدة لهذا الكتاب ، فإنّها فيه أوضح وأبسط ممّا في هذه الطبعة.
وأوضح من ذلك ما حرّره عنه المرحوم الشيخ محمّد علي في مقام الرد على الاستدلال على الانحصار باطلاق العلّية بقوله : وثانيا أنّ القضية الشرطية لا دلالة لها على استناد الجزاء إلى الشرط وكون وجوده معلولا لوجوده ، بل غاية ما تدلّ عليه القضية الشرطية هو الترتّب بين الجزاء والشرط ، ووجود الجزاء عند وجود الشرط ، إلى قوله : ولكن لا يخفى عليك أنّ هذه الكلمات كلّها أجنبية عن مسألة استظهار المفهوم للقضية الشرطية ، بل استظهار المفهوم لها يحتاج إلى بيان آخر ، وحاصله الخ (٢).
والخلاصة : هي أنّ قضايانا الأحكامية مسوقة لجعل الحكم على موضوعه ، فإن قلنا بأنّ المجعول هو السببية كان الموضوع علّة للحكم ، لكن علّيته له شرعية لا تكوينية. وإن لم نقل بذلك ، بل قلنا إنّ المجعول هو الحكم على تقدير الشرط ، كان الشرط بمنزلة العلّة ، وكانت القضية في دلالتها على المفهوم متوقّفة على الدلالة على الانحصار.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٣ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٨١ ـ ٤٨٢.