______________________________________________________
بسبب الجوع ولذلك قال عليهالسلام لا تدخل الحكمة جوفا مليء طعاما ، وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الإنسانية.
ورد بأن سائر العبادات إذا واظب عليها المكلف أورثت ذلك خصوصا الصلاة قال الله عز وجل « وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا » (١) وقال الله تعالى « اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ » (٢).
الثالث : أن الصوم أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه فلذلك شرف بخلاف الصلاة والحج والجهاد وغيرها من الأعمال.
وعورض بأن الإيمان والإخلاص وأفعال القلب خفية. مع أن الحديث متناول لها ، ويمكن دفعه بتخصيص الأعمال بأفعال الجوارح لأنها المتبادر من اللفظ.
وقال بعض المحققين : وهب إن كل واحدة من هذه الأجوبة مدخول بما ذكر ، فلم لا يكون مجموعهما هو الفارق فإن هذه الأمور المذكورة لا تجتمع في غير الصوم كذا ذكره سيد المحققين قدسسره في مدارك الأحكام ، وقيل : فيه وجه رابع وهو أن الاستغناء من الطعام صفة الله تعالى فإنه يطعم ولا يطعم فكأنه يقول : إن الصائم يتقرب بأمر هو صفة من صفاتي.
قوله عليهالسلام : « قال الله وأنا أجزي عليه » أي أنا أتولى جزاءه ولا أكله إلى غيري لاختصاص ذلك العمل بي ، وتقديم الضمير للتخصيص ويحتمل التأكيد أيضا وفي الفقيه روايات العامة « وأنا أجزي به » وقال الخطائي في شرح هذا الحديث معناه الصوم عبادة خالصة لي لا يستولي عليه الرياء والسمعة لأنه عمل مستور ليس كسائر الأعمال التي يطلع عليها الخلق هذا ، كما روي أن نية المؤمن خير من عمله وذلك
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٦٩.
(٢) سورة : الحديد. الآية ٢٨.